للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما توفي عماد الدولة خلفه في إمارة روطة وأعمالها، ولده أبو جعفر أحمد ابن عبد الملك، وتلقب بسيف الدولة المستنصر بالله، وكذلك المستعين بالله، واستمر في حكم روطة وما حولها من الحصون والأراضي، وحذا حذو أبيه في محالفة النصارى، والانضواء تحت حماية ألفونسو المحارب ملك أراجون. بيد أنه ما لبث أن شعر بوطأة هذا النير، ورأى أن يتجه إلى الناحية الأخرى من اسبانيا النصرانية، إلى ناحية قشتالة. وكان ملك قشتالة الفتى ألفونسو ريمونديس، الذي تسميه الرواية العربية أدفنش بن رمند باسم أبيه ريموند الأرجوني، وبالسُّليطين أي الملك الصغير - لأنه تولى الملك وهو حدث، وأضحى بعد وفاة أمه أورّاكا في سنة ١١٢٦ م، ملكاً على ليون وقشتالة ولمّا يجاوز الحادية والعشرين.

وكان ألفونسو ريمونديس، بعد أن انتهى النضال بينه وبين خصمه ومنافسه ألفونسو المحارب، زوج أمه القديم بظفره، وأضحى سيد قشتالة القوي، يبدو لسيف الدولة حليفاً أفضل. وتعرف الرواية اللاتينية " سيف الدولة " معرفة جيدة، وتسمية " سفادولا " Zafadola، وتقول لنا إن سيف الدولة عرض على أولاده ووزرائه، فكرة التحالف مع ملك قشتالة والانضواء تحت لوائه، فوافقوا عليها، وأنه بعث إلى ملك قشتالة برغبته في زيارته، وبأن يرسل إليه بعض فرسانه لحمايته، خوفاً من المرابطين، فبعث إليه الملك ببعض أكابر فرسانه، وصحبوه إلى بلاط طليطلة، فاستقبله الملك بترحاب وعطف، وعامله معاملة ملك، وقدم إليه طائفة من الهدايا النفيسة، وتأثر سيف الدولة بما رآه من فخامة بلاط قشتالة، وكريم معاملته، فأعلن أنه ينضوي تحت لوائه وحمايته، ويضع نفسه هو وأولاده تحت تصرفه، ثم نزل له عن حصن روطة، مقابل حصون وبلاد في منطقة طليطلة وإسترامادورة، أعطاه إياها ملك قشتالة، فانتقل إليها ووضع نفسه في خدمته (١).

وتقدم إلينا لي بعض الروايات النصرانية الأخرى، قصة سيف الدولة في صيغة أخرى، فتقول إن سيف الدولة لما برم بحماية ملك أراجون المرهقة، وخشي من انقلاب رعيته عليه لمحالفته للملوك النصارى، قرر أن يعترف بحماية ملك قشتالة، ونزل له عن روطة اليهود، وغيرها من المواقع المنيعة، الباقية من مملكته الصغيرة،


(١) تراجع هذه الرواية في A. P. Ibars: Valencia Arabe (Valencia ١٩٠١) T. I. p. ٤٦٦-٤٦٧ وكذلك في F. Codera: Dec. y Dis. de los Almoravides, p. ٢٤-٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>