للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبوابها دون الغزاة، واشتد الخوف بالناس، وكان ذلك في منتصف رجب من السنة المذكورة (١).

وزحف القشتاليون على إشبيلية حتى صاروا على قيد فرسخين منها، وهم يثخنون في إحوازها قتلا وسبياً وتخريباً، وكان الأمير تاشفين، حينما نمى إليه عدوان القشتاليين قد نهض في قواته إلى إشبيلية، فطارد العدو وطهر منه الوادي، وارتد النصارى إلى بلادهم مثقلين بالغنائم والسبي.

وتزيد الرواية الإسلامية على ما تقدم، أن الأمير تاشفين سار في قواته نحو الغرب ومعه ابن قنونة والي قرطبة، والتقى بقوة من النصارى، كانت قد أغارت على أحواز يابرة، فهزمها المرابطون، وقتلوا معظم رجالها، وأنقذوا منها الغنائم والأسرى (٢).

بيد أنه لم يمض قليل عن ذلك، حتى بدت نيات القشتاليين واضحة في استئناف العدوان على نطاق واسع، ففي أوائل سنة ٥٢٨ هـ (١١٣٤ م) حشد ألفونسو ريمونديس (ألفونسو السابع) أو ألفنش بن رمند كما تسميه الرواية العربية، جيشاً ضخماً من آلاف عدة، وبه كثير من أبطال قشتالة وأنجادها المشهورين، وقصد إلى ناحية بطليوس، وعاث في أحوازها، وخرب أراضيها، فنهض إليه الأمير تاشفين من إشبيلية في قوات ضخمة، ووقف من أدلائه وطلائعه على خط سير العدو، ورابط للقائه في مكان يقع شرقي بطليوس على مقربة من سهل الزلاّقة، الذي اشتهر بانتصار جده العظيم يوسف بن تاشفين فيه، على ألفونسو السادس (٤٧٩ هـ)، وما كادت طلائع العدو تبدو، وقد ملأت جموعه وغنائمه السهل، حتى تأهب المرابطون للقائه بحماسة وتوثب. ونظم الجيش الإسلامي مثلما نظم يوم الزلاّقة في وحدات متناسقة، فاحتل المرابطون، وعلى رأسهم الأمير تاشفين القلب، تتقدمهم البنود البيض مكتوبة بالآيات، اصطفت إلى جانبيه القوات الأندلسية تتقدمها الرايات الحمراء بالصور الهائلة، واحتل الجناحين أهل الثغور وذوو الجلاد، وعليهم الرايات المرقعات، واحتل المقدمة أنجاد زنانة، ولفيف الحشم ذوو العمائم، وأمامهم الأعلام المصبغات، ونشبت بين الفريقين


(١) البيان المغرب (الأوراق المخطوطة - هسبيرس ص ٩٧) ونظم الجمان (المخطوط السالف الذكر لوحة ٧١ ب)، وابن الخطيب في الإحاطة ج ١ ص ٤٦٠.
(٢) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط السابق ذكره لوحة ٧٢ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>