للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشبيلية، واجتمعت تحت قيادة ابن غانية، وسارت مسرعة لإنجاد الحصن وإمداده بالمؤن. واستعد القشتاليون للقاء المسلمين بقوات جديدة. ويضع صاحب البيان المغرب تاريخ هذا الحصار في سنة ٥٢٥ هـ (١١٣٠ م) (١). ولكن الرواية النصرانية، تضعه بعد ذلك بعدة أعوام في سنة ١١٣٧ م. وليس هنالك في الرواية الإسلامية، ما يدل على أن موقعة حدثت في هذا الموطن بين المسلمين والنصارى. وكذلك فإن الرواية النصرانية، تقول لنا إن هذا اللقاء بين المسلمين والنصارى في أراضي طليطلة، انتهى إلى خاتمة تتسم بالفروسة. وذلك أن الجيش المرابطي، وقد كان وفقاً لأقوال هذه الرواية، يتكون من ثلاثين ألف فارس، سار من طريق طليطلة. وكان ملك قشتالة ألفونسو السابع (ألفونسو ريمونديس) قد عهد بحماية طليطلة إلى حامية قوية تشرف عليها زوجه الملكة برنجيلا، فلما وصل الجيش المرابطي إلى ظاهر أسوار طليطلة، خرجت الملكة برنجيلا إلى شرفة " القصر " العالي المطل على نهر التاجُه، وبدت للقادة المسلمين مع وصائفها، وقد ازدانت بأفخر الثياب والحلي، وبعثت إلى ابن غانية رسولها، يؤنبه بلسانها لأنه قدم لمهاجمة بلد تدافع عنه امرأة، في حين أن الإمبراطور ينتظرهم في جيشه عند حصن أرنبة (أوريخا)، فدهش ابن غانية وزملاؤه القواد المسلمون، واخذوا بذلك المنظر، ولم يسعهم إلا أن ينحنوا قبالة الملكة المطلة عليهم، تكريماً لها وتعظيماً، ثم استأنفوا سيرهم، دون أن يقوموا بأية محاولة. أما حامية حصن " أرنبة " فقد اضطرت في النهاية إلى التسليم (أكتوبر سنة ١١٣٧ م) ولكن سمح لها أن تخرج بالأمان وأن تسير إلى قلعة رباح (٢).

وهكذا يبدو مما تقدم، أنه لم تقع في شرقي الأندلس، في الفترة التي تلت سقوط سرقسطة، وموقعة كتُندة، حوادث خاصة بهذه المنطقة، سوى الغزوات المحلية العارضة، والتي لم تقدم إلينا الرواية عنها تفاصيل شافية، وقد كان شرقي الأندلس، يردد صدى الحوادث العامة في شبه الجزيرة ويشترك فيها، كما تشترك باقي الولايات الأندلسية، وقد كانت الجيوش المرابطية كلها، سواء في شرقي الأندلس أو غربه، تعمل دائماً في حركات موحدة شاملة.

أما عن أخبار الغزوات في الناحية الأخرى من الأندلس، فإن الرواية


(١) البيان المغرب الأوراق المخطوطة المشار إليها - هسبيرس ص ٩٤).
(٢) راجع: A. P. Ibars: Valencia Arabe (cit. Cronica Adefonsi Imperatoris) p. ٤٨١

<<  <  ج: ص:  >  >>