للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية تقدم إلينا بعض التفاصيل الموجزة، عن بعض الأحداث التي وقعت عقب مغادرة تاشفين بن علي لشبه الجزيرة. ومن ذلك أن الزبير بن عمر والي قرطبة، خرج في قواته غازياً لأرض النصارى، وافتتح حصن مورة (سنة ٥٣٣ هـ). وفي نفس العام ردت قوات شنترين ويابرة عسكراً من النصارى (البرتغاليين) حاول غزو الأراضي الإسلامية، وقتلت وأسرت منه جملة وافرة، واحتوت على أسلابه. وفي أواخر هذا العام غزا ألفونسو ريمونديس ملك قشتالة أرض الأندلس، وحاصر حصن إربلية، فسارت قوات الأندلس من مختلف الأنحاء لرده وإنجاد الحصن، ولكنها تخلفت في الطريق، ثم عادت من حيث أتت، واضطر الحصن، بعد أن أرهق الحصار أهله إلى التسليم (١).

- ٢ -

تحدثنا فيما تقدم من أخبار أمير المسلمين علي بن يوسف، عما وقع في أوائل عهده من استرداده للجزائر الشرقية (جزائر البليار) من البيزيين والجنويين في أواخر سنة ٥٠٩ (١١١٦ م). ولما كانت الجزائر الشرقية، تلحق دائماً بشرقي الأندلس، فإنه يجدر بنا أن نتناول هنا، طرفاً من أخبارها في تلك الفترة.

وقد ذكرنا عندئذ، أن أمير المسلمين عين لولاية الجزائر عقب استردادها، وانور بن أبي بكر اللمتوني (٢) بيد أنه يبدو من بعض الرسائل السلطانية المرابطية التي بين أيدينا، أنه قد سبقت ولاية وانور ولاية قصيرة الأمد للقائد أبى السداد والي دانية. ففي رسالة صادرة عن علي بن يوسف من حضرة مراكش، في الحادي والعشرين من ربيع الأول سنة ٥١٠ هـ، أعني عقب استرداد الجزائر ببضعة أشهر، يشير أمير المسلمين إلى موت القائد أبى السداد والي ميورقة، ويسند ما كان تحت نظره إلى واليها الجديد، ويسدي إليه النصح بأن يحسن السيرة في أهل الجزيرة، وأن يسلك طريق الرفق والعدل والحق، وأن يستعمل الحزم في ضبط أحوالها، وأن يسعى في استرجاع من خرج من أهلها، وأن يستنيب من يرضاه في النظر على الأسطول والتخلص بثغر دانية، وأن يبذل جهده في


(١) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط السالف الذكر لوحة ٨٢ ب).
(٢) هذه رواية ابن خلدون في كتاب العبر ج ٤ ص ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>