للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأمل والثقة في طالع تلميذه وزعيم أصحابه، عبد المؤمن بن علي، كان ينم عن تنبؤ صادق وفراسة دقيقة (١).

وقد سبق أن أشرنا إلى ما هنالك من خلاف حول تاريخ موقعة البحيرة، فإن اليسع يضع تاريخها في سنة ٥٢١ هـ، ويضعه ابن القطان في سنة ٥٢٤، ويضع ابن خلدون تاريخها في سنة ٥٢٢، ويقول لنا ان وقوعها كان لأربعة أشهر قبل وفاة المهدي، وهو يتفق بعد ذلك مع نفسه فيقول لنا إن المهدي توفي في نفس العام أي في سنة ٥٢٢ هـ (٢). ولكنه لما كان من المتفق عليه أن هزيمة الموحدين وقعت قبيل وفاة المهدي بأشهر قلائل، فإن هذه الرواية لا يمكن الأخذ بها، إذ أن المعول عليه أيضاً، هو أن المهدي توفي في سنة ٥٢٤ هـ.

ولدينا إلى جانب رواية ابن القطان رواية موحدية قاطعة، تضع تاريخ المعركة في سنة ٥٢٤ هـ، هي رواية أبى بكر الصنهاجي أحد أصحاب المهدي الذين شهدوا الموقعة (٣). ويأخذ بهذه الرواية ابن الأثير (٤) وصاحب روض القرطاس (٥)، والزركشي (٦). وأما عن وفاة المهدي، فإن المتفق عليه، أنه كان مريضاً وقت موقعة البحيرة، وأن مرضه اشتد بعد وقوع الهزيمة، ولم يعش طويلا أو لم يعش بعد ذلك سوى أيام قلائل. وليس أدل على ذلك من أن الموحدين يسمون العام الذي توفي فيه المهدي وهو عام ٥٢٤ هـ بعام البحيرة (٧). ويصف لنا أبو بكر الصنهاجي، وقد كان شاهد عيان، تصرفات المهدي الأخيرة، فيقول لنا إنه استدعى الموحدين، فحشروا كلهم، ثم وعظ الناس حتى أضحى النهار، ثم دخل الدار فغاب ساعة، ثم خرج حاسر الرأس، وقال للناس إنني مسافر عنكم سفراً بعيداً، فضج الناس بالبكاء وودعوه، ثم دخل داره، ولم يره أحد بعد ذلك.


(١) تراجع تفاصيل موقعة البحيرة في نظم الجمان لابن القطان (المخطوط السابق ذكره لوحة ٤٠ أوما بعدها)، وابن الأثيرج ١٠ ص ٢٠٥، والحلل الموشية ص ٨٤ - ٨٦، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٢٨ و ٢٢٩، وأخبار المهدي ابن تومرت ص ٧٨ و ٧٩، والمعجب ص ١٠٧.
(٢) ابن خلدون ج ٦ ص ٢٢٩.
(٣) كتاب أخبار المهدي ابن تومرت ص ٢٨.
(٤) ابن الأثير ج ١٠ ص ٢٠٤.
(٥) روض القرطاس ص ١١٦.
(٦) الزركشي في تاريخ الدولتين ص ٤.
(٧) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط السالف الذكر لوحة ٤٢ أ) وابن خلكان ج ٢ ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>