للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعول عليه أن المهدي توفي في شهر رمضان سنة ٥٢٤ هـ (أغسطس سنة ١١٣٠ م)، ويقول لنا أبو بكر الصنهاجي إنه توفي يوم الأربعاء أو يوم الخميس الخامس والعشرين من رمضان سنة ٥٢٤ هـ (١)، وتؤيد هذه الرواية رواية موحدية أخرى، هي رواية عبد الملك بن صاحب الصلاة مؤرخ الدولة الموحدية، مع خلاف يسير في يوم الوفاة، وهي أن المهدي توفي يوم الأربعاء الثالث عشر من رمضان سنة ٥٢٤ هـ (٢)، وقال ابن القطان، ويتابعه صاحب الحلل الموشية إنه توفي يوم الاثنين الرابع عشر من رمضان سنة ٥٢٤ هـ (٣). وكان عمر المهدي عند وفاته، على قول ابن القطان، نحواً من خمسين سنة (٤)، وعلى قول ابن الأثير إحدى وخمسين سنة أو خمساً وخمسين سنة (٥) مما يرد تاريخ مولده في الحالة الأولى إلى سنة ٤٧٤ هـ، وفي الثانية إلى سنة ٤٧٣ هـ، وفي الثالثة إلى سنة ٤٦٩ هـ، وقد سبق أن أشرنا إلى هذا الخلاف في تاريخ مولد المهدي.

وكان المهدي ابن تومرت من أعظم الدعاة الدينيين، وأغزرهم علماً، وأشدهم دهاء، وأقواهم نفساً، وأشدهم تأثيراً في النفوس. وكان إلى جانب ذكائه ودهائه، يتمتع بمنطق قوي، ومحاجة قاطعة، وذلاقة مؤثرة. وكان خطيباً مفوهاً، فصيحاً في العربية والبربرية معاً، يستميل الجموع برائع بيانه ووعظه. وكان متمكناً من علوم القرآن والسنة ومن الأصولين، أصول الفقه وأصول الدين، شديد التقشف والزهد والورع، لم يلبس قط سوى ثياب الصوف من قميص وسراويل وجبة، وقد يرتدي الثياب المرقعة، ولا يقبل على شىء من متاع الدنيا، حتى قيل إنه كان يقتات من غزل أخت له في كل يوم، رغيفاً بقليل من سمن أو زيت، ولم يتحول عن ذلك حينما سما شأنه وأقبلت عليه الدنيا (٦). وكان


(١) أخبار المهدي ابن تومرت ص ٨٣، وابن القطان في نظم الجمان (المخطوط السالف ذكره لوحة ٤٢ أ).
(٢) أورده روض القرطاس ص ١١٧.
(٣) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط السابق ذكره لوحة ٤٢ أ)، والحلل الموشية ص ٨٦.
(٤) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط لوحة ٣٣ أ). ونقله ابن عذارى في البيان المغرب (الأوراق المخطوطة سالفة الذكر - هسبيرس ص ٩٤).
(٥) ابن الأثير ج ١٠ ص ٢٠٥.
(٦) ابن القطان عن ابن صاحب الصلاة (في نظم الجمان المخطوط السابق ذكره لوحة ٤٥ أ)، وابن خلكان (عن المغرب) ج ٢ ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>