مكان، وفي كل ديوان، وأن ما علم بضرورة الإستفاضة قبل ظهوره، يعلم بضرورة المشاهدة بعد ظهوره، وأن الإيمان بالمهدي واجب، وأن من شك فيه كافر، وأنه معصوم فيما دعا إليه من الحق، لا يجوز عليه الخطأ فيه، وأنه لا يكابر، ولا يضاد، ولا يدافع، ولا يعاند، ولا يخالف ولا ينازع، وأنه فرد في زمانه، صادق في قوله، وأنه يقطع الجبابرة والدجاجلة، وأنه يفتح الدنيا شرقها وغربها، وأنه يملؤها بالعدل، كما ملئت بالجور وأن أمره قائم إلى أن تقوم الساعة " (١).
- ٤ -
لم ينس ابن تومرت في الوقت الذي يعرض فيه دعوته، ويشيد بنظريته الإمام المعصوم والمهدي المنتظر، وهي التي اتخذها دعامة لزعامته الدينية، وسلطانه السياسي، أن ينظم حملته ضد أصحاب الأمر القائم، ضد أولئك المرابطين، الذين كان يرمي إلى تحطيم دولتهم، والاستيلاء على تراثهم. ومن ثم فإنه يخصهم في كتابه بفصل، يشهر فيه عليهم الخصومة والبغض، ويحاول أن يسبغ على حملته لون القداسة، وأن يردها إلى أصول دينية، وهو ينعتهم " بالمبطلين، والملثمين، والمجسمين ". ويقول لنا إن لهم علامات خاصة يعرضها لنا في قوله:
" جميع علاماتهم ظاهرة، منها ما ظهر قبل مجيئهم من كادم، ومنها ما ظهر بعد أخذهم البلاد، ومنها ما ظهر من أحوالهم وأفعالهم. فالذي ظهر منها قبل مجيئهم خمس، إحداهن أنهم الحفاة، والثانية أنهم العراة، والثالثة أنهم العالة، والرابعة أنهم رعاء الشاء والبهم، والخامسة أنهم جاهلون بأمر الله. والذي ظهر منها بعد أخذهم البلاد سبع، إحداهن أنهم في آخر الزمان، والثانية أنهم ملوك، والثالثة أنهم يتطاولون في البنيان، والرابعة أنهم يلدون مع الإماء ويستكثرون من الجواري، والخامسة أنهم صم، والسادسة أنهم بكم، يعني أنهم صم عن ْالحق لا يستمعون إليه، بكم عن الحق لا يقولون به، ولا يأمرون به، وكل ذلك راجع إلى الجهل والعدول عن الحق، والسابعة أنهم ما هم أهلا للأمانة في القيام بأمر الله.
والذي ظهر من أحوالهم وأفعالهم ثمان، إحداهن أنهم في أيديهم سياط كأذناب البقر، والثانية أنهم يعذبون الناس ويضربونهم بها، والثالثة أن نساءهم رؤوسهن كأسنمة النجب، يعني أنهن يجمعن شعورهن فوق رؤوسهن حتى تكون شعورهن على تلك الصفة، والرابعة أنهم كاسيات عاريات، والخامسة أنهن مائلات يعني