للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس ذلك فقط، فإن طاعة المهدي، والاستسلام إليه، إن هي إلا طاعة الله ورسوله ذاتها، " فإن سنة المهدي هي سنة الله ورسوله، وأمره أمر الله ورسوله، وطاعته طاعة الله ورسوله، والانقياد له الانقياد إلى الله ورسوله، وموافقته موافقة الله ورسوله، وتعظيم حرماته تعظيم حرمات الله ورسوله. هو أعلمهم بالله، وأقربهم إلى الله، به قامت السموات والأرض، وبه كشفت الظلمات، وبه تدفع الأباطيل، وبه تظهر المعارف، وبموافقته تُنال السعادة، وبطاعته تنال البركات " (١).

ْأما أولئك الذين تسول لهم أنفسهم مخالفة المهدي، ومعارضته أو الشك في أمره، فويل لهم. ولم ينس ابن تومرت أن يتوعد هؤلاء بشر النكال. ذلك أن من ناوأ المهدي " فقد تقمع في الردى، وليس له التطرق إلى النجاة ". ثم إن " أمر المهدي حتم، ومن خالفه يقتل، لا دفع له في هذا لدافع، ولا حيلة فيه لزائغ، ثبت بثبوت نصوص الكتاب، وقواطع الشرع، وبيان العلم، ودام ما دامت السموات والأرض بإذن الله الواحد القهار " (٢).

ويتحدث ابن تومرت بعد ذلك في فصل قصير عن " القواعد التي بني عليها علوم الدين والدنيا " يتناول فيه أموراً شتى، ومما جاء فيه: " أن القيام بأمر الله واجب، وأن الفساد يجب دفعه على الكافة، ولا يجوز التمادي فيه، وإن من منع فريضة واحدة كمن منع الفرائض كلها، وان التمادي على ذرة من الباطل، كالتمادي على الباطل كله، وأن الهوى لا يجوز إيثاره عن الحق، وان الدنيا لا يجوز إيثارها على الآخرة، وان الحق لا يجوز تلبيسه بالباطل، وأن العلم ارتفع، وأن الجهل عم، وأن الحق ارتفع، وأن الباطل عم، وأن الهدى ارتفع، وأن ْالضلال عم، وأن العدل ارتفع، وأن الجور عم، وأن الرؤساء الجهال استولوا على الدنيا، وأن الملوك الصم البكم استولوا على الدنيا، وأن الدجالين استولوا على الدنيا " ويختتم ابن تومرت هذا الفصل، بالعود إلى الكلام عن المهدي في فقرة يلخص فيها كل ما تقدم، ويؤكده بقوة، وذلك على النحو الآتي:

" إن الباطل لا يرفعه إلا المهدي، وان الحق لا يقوم به إلا المهدي، وان المهدي معلوم في العرب والعجم، والبدو والحضر، وان العلم به ثابت في كل


(١) كتاب محمد بن تومرت ص ٢٥٢.
(٢) كتاب محمد بن تومرت ص ٢٥١ و ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>