للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجلس بين يديه وادعاً هادئاً. ثم دعوته بعد ذلك الأشياخ الموحدين إلى مجلسه، واستشارتهم في أمر من يتولى الخلافة، ودعاء الطائر له بنطقه " العز والتمكين للخليفة عبد المؤمن أمير المؤمنين " ومثول الشبل بين يديه، رابضاً مطيعاً لإشارته، وتأثر الحاضرين بذلك ومبايعتهم له (١).

بيد أنه بغض النظر عما يطبع هذه الرواية من مبالغة، وجنوح إلى الأسطورة، فإنه توجد لدينا أكثر من رواية وثيقة تؤيد القول، بأن بيعة عبد المؤمن، قد تمت عقب وفاة المهدي، ووفقاً لسابق إشارته. من ذلك ما ذكره أبو بكر الصنهاجي المكنى بالبيذق، وهو كما تقدم من أصحاب المهدي الأوائل، من أنه عقب وفاة المهدي في يوم الأربعاء أو يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة ٥٢٤ هـ، بويع الخليفة أعني عبد المؤمن في يوم السبت الأقرب من هذا التاريخ (٢). وما ذكره في موضع آخر من أنه عقب وفاة المهدي، قام عبد المؤمن بإعلان ذلك النبأ للناس، وعندئذ تقدم إليه أربعة من الصحب، اثنان من الجماعة، وهما عمر بن عبد الله الصنهاجي المعروف بعمر أصناك، وأبو إبراهيم إسماعيل، واثنان من أهل خمسين هما عبد الرحمن بن زكو، ومحمد ابن محمد، وبايعوه على ما بايعوا عليه المهدي، ثم تبعهم سائر الناس حتى دخل الليل، واستمرت البيعة ثلاثة أيام متواليات (٣).

ويأخذ صاحب " الحلل الموشية " بمجمل هذه الراوية، فيقول لنا إنه " لما توفي المهدي، تفاوض بقية أصحابه وهم أربعة، بمن يكون إمامهم بعده، فوقع اتفاقهم على عبد المؤمن، لما كانوا يشهدونه من تعظيم المهدي له، بمحضر أصحابه وجميع الموحدين، ويقبل عليه، ويستبشر بكلامه، فاتفقوا عليه وقدموه " (٤).

وكذلك يذكر لنا صاحب روض القرطاس أن المهدي بويع يوم الخميس الربع عشر من رمضان سنة ٥٢٤ هـ، ويصف هذه البيعة، بالبيعة الخاصة التي بايعه فيها عشرة من أصحاب المهدي. وأما البيعة العامة فقد وقعت وفقاً لقوله في


(١) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط السابق ذكره لوحة ٤٥ أو ٦٦ أ). وراجع رواية ابن صاحب الصلاة في روض القرطاس ص ١١٩ و ١٢٠.
(٢) كتاب أخبار المهدي ابن تومرت ص ٨٣.
(٣) كتاب أخبار المهدي بن تومرت ص ٨٥، والمعجب ص ١٠٨، ويورد المراكشي اسمين آخرين مع عمر أصناك، هما عمر بن مرزاك، وعبد الله بن سليمان.
(٤) الحلل الموشية ص ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>