كتاب دولة الإسلام في الأندلس

الكتاب الثانى المهدى محمد بن تومرت والصراع بين المرابطين والموحدين وقيام الدولة الموحدية بالمغرب - الفصل الرابع الصراع بين المرابطين والموحدين - ج: 3 - ص: 227

ثانية إلى الوادي، واستولى على أراضي صنهاجة القريبة (أصناجان) وولى عليها علي بن ناصر، وهو أحد زعمائها ومن أهل خمسين (١).

ويضع ابن القطان في أخبار هذا العام - سنة ٥٢٦ هـ - حادثاً من نوع خاص، هو انضمام الفلاّكي الأندلسي، وهو من قادة المرابطين، إلى الموحدين. وكان الفلاّكي حسبما تقدم أندلسي من أهل إشبيلية، وكان في بداية أمره شقياً وقاطع طريق، يتسم بالجرأة والشجاعة، ثم تاب وسلك سبيل الاستقامة، فعفا عنه والي إشبيلية، وقدمه على الرماة والرجّالة. ونمى خبره إلى علي بن يوسف، فاستقدمه إلى مراكش، وقدّمه على فرقة من الجند المرابطين، وعهد إليه بحراسة مخارج جبل دَرَن التي يهبط منها الموحدون إلى السهل لكي يعيق سبيلهم. ثم وجهه إلى السوس لمكافحة الموحدين، ووالي السوس حينئذ وانودين بن سير، فجد الفلاّكي في محاربة الموحدين ومكافحتهم. ثم فسد ما بينه وبين علي بن يوسف، فانضم إلى الموحدين مع طائفة من جنده، وأخذ يغير على حصون لمتونة، ويفعل بها مثلما كان يفعل من قبل بقواعد الموحدين، وأخذ يغير على جهات السوس وأغمات. واستمر في خدمة الموحدين مدى أعوام، ثم ارتد بعد ذلك، وفقاً لقول ابن القطان (٢). بيد أنه لا يذكر لنا ماذا كان مصيره بعد هذا الارتداد. ومن جهة أخرى، فإن بعض الروايات تضع انضمام الفلاكي إلى الموحدين في تاريخ لاحق - في سنة ٥٣٥ هـ - أي بعد التاريخ الذي يقدمه لنا ابن القطان بنحو تسعة أعوام (٣).

وفي العام التالي، أعني في سنة ٥٢٧ هـ أعلنت بيعة عبد المؤمن الخاصة، وعقدت بيعته العامة، وذلك إذا أخذنا برواية كتمان وفاة المهدي مدلا ثلاثة أعوام، وهي حسبما تقدم رواية ابن صاحب الصلاة وابن القطان. ويضع ابن القطان هذا الحادث سهواً في أخبار سنة تسع وعشرين وخمسمائة، ومن الواجب لكي يكون متفقاً مع سابق روايته أن تكون سنة سبع وعشرين. ويقول لنا إنه في هذه السنة،

---

(١) كتاب أخبار المهدي ابن تومرت ص ٨٥، هذا ويروي لنا ابن القطان أن ابن ملوية قتل في سنة ٥١٨ هـ في مناسبة سابقة، خلاصتها أنه حينما قام المهدي بتدبير اغتيال قبيلة هزميرة وسبي نسائهم، ونهب أراضيهم، اعترض ابن ملوية، ونعى عليه هذا التصرف الدموي، وأنه لا يتفق مع ما يدعيه من العصمة، فأمر المهدي بقتله فقتل وصلب على الفور (نظم الجمان المخطوط لوحة ٤٧ ب).
(٢) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط السابق ذكره لوحة ٣٩ ب و ٧٥ أ).
(٣) هذه رواية صاحب الحلل الموشية (ص ٨٣)، وربما كان هذا الانضمام المتأخر من جانب الفلاكي إلى الموحدين، هو انضمامه الثاني لا الأول.