للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النيران تحرق أوطانهم. ولما أيقن البربر وغيرهم بعجز العلج، انكسرت قلوبهم، وحقت الهزيمة عليهم ".

وفي العام التالي سنة ٥٢٩ هـ، سار عبد المؤمن لغزو بني ييغز، وذلك لأنهم كانوا قد قتلوا أبا محمد عبد العزيز الغيغائي من أصحاب الإمام المهدي، فلما نزل الخليفة على أحيائهم، وضعوا الأحطاب على ظهور الجمال، وأضرموا فيها النار، ودفعوها نحو محلة الموحدين، فوقع الهرج في المحلة الموحدية، وسار بنو ييغز في أثر جمالهم وهاجموا الموحدين، ونشبت بين الفريقين معركة عنيفة. وحاول رجلان من بني ييغز أن ينفذا إلى خيمة عبد المؤمن وأن يقتلاه، ولكن عبد المؤمن كان قد غادر خباءه تحوطاً وحذراً، فأخذ الرجلان وقتلا. وقضى عبد المؤمن في تلك الغزوة أربعين يوماً ثم قفل عائداً إلى تينملل. ويضيف ابن القطان إلى ما تقدم نقلا عن ابن صاحب الصلاة، أن عبد المؤمن كان قد وجه إلى بني ييغز بعض اخوانهم المجاورين لهم، لينصحوهم وينذروهم، وأن مساعيه في ذلك السبيل قد كللت بالنجاح، إذ انقاد بنو ييغيز وأذعنوا، ودخلوا في طاعة الموحدين. وهذا يفسر لنا النتيجة السلبية التي انتهت إليها معركة بني ييغز ضد الموحدين (١).

ويحدثنا اليسع عن موقعة نشبت بين المرابطين والموحدين في سنة ٥٣٠ هـ، فيقول إن عبد المؤمن سار في قواته إلى أجرفرجان ومصكروطن، فخرج إليه سير بن علي بن يوسف، ولي العهد يومئذ، في القوات المرابطية. ولبث عبد المؤمن حيناً معتصماً بالجبال يطاول العدو، ثم التقى الفريقان في مصكروطن. فهزم المرابطون، واستولى الموحدون على مقادير عظيمة من أسلابهم، من المال والسلاح (٢).

ومن جهة أخرى فإن البيذق أبا بكر الصنهاجي، مؤرخ الموحدين المعاصر، فيما يسطره لنا من غزوات عبد المؤمن يؤكد لنا عقب كلامه عن غزوة صنهاجة، أن الخليفة التقى مع الإبرتير وتاشفين، وفتح الله عليه في محاربتهم في البداية.

وهذه أول مرة يلتقي فيها عبد المؤمن بجيش مرابطي يقوده الأمير تاشفين بن علي.

وقد ذكرنا فيما تقدم من أخبار تاشفين، أنه لبث والياً على الأندلس، وقائداً للجيوش المرابطية بها حتى سنة ٥٣١ هـ (أو سنة ٥٣٢ هـ)، وأنه عبر في أواخر


(١) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط السابق ذكره).
(٢) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط لوحة ٧٨ ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>