للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا يقص علينا البيذق قصة غريبة، خلاصتها أنه قد وفد عندئذ على الخليفة عبد المؤمن أخوه إبراهيم، فغمره الخليفة بإكرامه، وأعطاه الخيل والعبيد والخباء، وأنزله في موضع محمد بن أبى بكر بن يكيت، وقد كان أبوه ابن يكيت من أصحاب المهدي العشرة، فاستاء لذلك محمد ووثب بإبراهيم فقتله، فغضب الخليفة لمقتل أخيه أيما غضب، وطالب بقتل ابن يكيت، فاعترض عليه أبو حفص عمر اينتي، وابن واجاج، وقالا له، ألم يقل المهدي، " بأن أهل الجماعة وصبيانهم، عبيدهم كل من في الدنيا "، فصمت الخليفة عندئذ، وعدل عن قراره، ولكنه أمر أن يقسم المعسكر الموحدي إلى فرق أو بنود. وأن يكون لكل قبيلة بندها الخاص (١). وهنا يلاحظ الأستاذ هويثي بحق " أنه ليس أقطع دليلا من ذلك على التعصب الأعمى، الذي كان يضطرم به الموحدون الأوائل، ويدافعون به عن مزايا وامتيازات نظامهم الديني " (٢).

وفي أثناء ذلك خرج عبد الرحمن بن زجّو في قوة من الموحدين، وزحف على ثغر مليلة، واقتحمه، وحصل على غنائم كثيرة، كان من بينها مائة بكر، قسمها عبد المؤمن على أعيان الموحدين، فتزوجوهن، وبقيت منهن أميرتان، هما فاطمة بنت يوسف الزناتية، وابنة ماكسن بن المعز صاحب مليلة، فأخذ الشيخ اسماعيل أبو ابراهيم أحد العشرة فاطمة، وأخذ الخليفة بنت ماكسن.

ثم رحل الموحدون بعد ذلك إلى ندرومة وبلاد كومية، قبيلة عبد المؤمن، فدخلت جميعاً في طاعة الموحدين. وسار الموحدون بعد ذلك إلى تاجرا الواقعة على البحر شرقي مليلة، فنزلوا بها (٣).

وكان الجيش الموحدي قد تضخم عندئذ، ودخل في طاعة الموحدين، عدد كبير من القبائل والبطون الشمالية. ومن تاجرا خرجت ثلاث قوات موحدية، الأولى بقيادة عبد الرحمن بن زجّو، وقد سارت شمالا بشرق، وهاجمت ثغر وهران، واقتحمته واستولت على غنائمه، والثانية بقيادة الشيخ أبي إبراهيم، وقد سارت إلى أرض بني وانوان واستاقت غنائمها، وخرجت الحملة الثالثة بقيادة


(١) كتاب أخبار المهدي ابن تومرت ص ٩٣ و ٩٤.
(٢) راجع: A. Huici Miranda: Historia Politica del Imperio Almohade (Tetuan ١٩٥٦) V. I. p. ١٢٦
(٣) البيان المغرب (في الأوراق المخطوطة - هسبيرس ص ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>