للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسف بن وانودين، وسارت إلى جبل مديونة من أحواز تلمسان، فخرج إليها المرابطون من نلمسان بقيادة أبى بكر بن الجوهر، ومحمد بن يحيى بن فانّو، ونشبت بين الفريقين معركة عنيفة في وادي الزيتون، هزم فيها المرابطون، وقتل قائداهما. ووفد على الخليفة عندئذ، عدد من زعماء القبائل المجاورة، وأعلنوا خضوعهم.

ثم رحل الخليفة من تاجرا إلى تيفسرت من أرض مديونة، وخرجت عندئذ قوة موحدية بقيادة الشيخ أبى حفص عمر اينتي ويصلاصن بن المعز إلى العيون من أراضي قبيلة صاء غربي وجدة، وغلبت على قبائل تلك الناحية، وهم أربعة، واستولت على غنائمهم.

وكانت الجيوش المرابطية بقيادة تاشفين والربرتير، قد ارتدت عند دخول الشتاء إلى مراكزها في فاس، وبقي الموحدون في مراكزهم في أحواز تلمسان.

- ٣ -

وفي تلك الأثناء تطورت الحوادث بمراكش تطوراً خطيراً، فقد توفي أمير المسلمين علي بن يوسف، في السابع من شهر رجب سنة ٥٣٧ هـ (يناير سنة ١١٤٣ م)، وكانت حوادث الأعوام الأخيرة من حكمه، وما توالى فيها من محن وخطوب، ترتبت على قيام المهدي ابن تومرت، وتوالى ظفر الموحدين، وهزائم الجيوش المرابطية، قد فتت في عضده، وحطمت قواه، وأذكت آلامه المعنوية، فتوفي غماً وألماً، وهو يشهد نذر النهاية المروعة جاثمة في الأفق. فكتم نبأ وفاته ثلاثة أشهر حتى السابع من شوال، ثم أعلنت بعد ذلك ولاية ولده أبى محمد تاشفين، وكان أبوه قد قلده ولاية عهده، وبويع بها منذ سنة ٥٣٣ هـ (١١٣٨ م) حسبما أشرنا إلى ذلك من قبل في موضعه (١).

وكان علي بن يوسف خير أمراء الدولة المرابطية، بعد أبيه العظيم يوسف.

ونستطيع أن نعتبر حكمه، الذي امتد سبعة وثلاثين عاماً مذ ولي الملك بعد وفاة أبيه في المحرم سنة ٥٠٠ هـ، هو عصر الدولة المرابطية الحقيقي، بعد أن توطدت


(١) راجع البيان المغرب (الأوراق المخطوطة هسبيرس ص ١٠٧) والحلل الموشية (ص ٩٠)، والزركشي في تاريخ الدولتين (ص ٥). ولكن ابن الخطيب يذكر لنا في الإحاطة أن علي بن يوسف توفي في السابع من ربيع (؟) (سنة ٥٣٧ هـ) ولم يشهر موته إلا في الخامس من شوال (الإحاطة، مخطوط الإسكوريال لوحة ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>