للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث من كتابه، بيد أن ما نقله في ذلك قد سقط من نسخة " تامجروت " وهي التي تغدو مرجعنا منذ الآن فصاعداً (١).

ويقدم إلينا ابن خلدون عن مصرع الربرتير رواية ثالثة يقول فيها، إن تاشفين بعث الربرتير في عسكر ضخم فأغار على بني سندم وزناتة الذين كانوا في بسيطهم، وعاد بالغنائم، فاعترضه الموحدون، ونشبت بين الفريقين معركة قتل فيها الربرتير وجنده (٢).

ولما رأى الجند النصارى مصرع عميدهم، ورأوا أنهم لا يستطيعون بعد

أن يعملوا لتدعيم إمبراطورية أصبحت وشيكة الانهيار، تفرقوا تباعاً، وغادر الكثير منهم المغرب إلى اسبانيا ومعهم أسرهم وقساوستهم، وساروا إلى طليطلة ملتجئين إلى حماية القيصر ألفونسو ريمونديس (ألفونسو السابع) ملك قشتالة، فأحسن استقبالهم، وأنزلهم بدياره، وحمد لهم تمسكهم خلال الحوادث والخطوب بدينهم وولائهم لمذهبهم (٣).

وعلى أي حال فقد كان مصرع الربرتير وتبدد جنده، ضربة جديدة أصابت الجيش المرابطي، وكان تاشفين في تلك الأثناء قد كتب إلى الأقطار يستدعي الحشود من كل ناحية، فقدم إليه عسكر سجلماسة، وعسكر بجاية بقيادة طاهر ابن كباب الصنهاجي من بني حماد أصحاب إفريقية، ووصل من الأندلس عسكر آخر بقيادة الأمير إبراهيم بن تاشفين، وكان قد قدم إلى أبيه قبل ذلك على أثر موت جده على وزاره بجهة كراندة، فبعثه والده إلى قرطبة لإتمام دراسته بها، ثم استدعاه بعد ذلك فوصل في عسكره إلى تلمسان في أواخر سنة ٥٣٨ هـ، فولاه أبوه في الحال عهده، واجتمعت الجيوش المذكورة في ظاهر تلمسان، وميزوا، وبرزوا في نظام متقن وهيئة كاملة، وعجب الناس من كثرتهم، وحسن نظامهم، وجمال هيئتهم، بيد أنها كانت آخر حشود يحتفل بها المرابطون (٤).

- ٥ -

ولما قتل الربرتير وبدد جيشه، غادر الموحدون " تيفسرت " وساروا إلى


(١) راجع القسم الثالث من البيان المغرب (نسخة تامجروت) ص ١٦.
(٢) كتاب العبر ج ٦ ص ٢٣١.
(٣) Simonet: Hist. de los Mozarabes, p. ٧٦٠ & ٧٦١
(٤) القسم الثالث من البيان المغرب (نسخة تامجروت) ص ١٥، والحلل الموشية ص ٩٧ و ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>