للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مياه سبتة أسطول نورماني ضخم قوامه مائة وخمسون سفينة، وأغار أولئك النورمان (المجوس) على سبتة، محاولين اقتحامها، فخرجت إليهم سفن المرابطين بقيادة أمير البحر ابن ميمون، ووقعت بين الفريقين معركة بحرية عنيفة، غرقت فيها من الجانبين سفن عديدة، وقتل من الفريقين خلق كثير.

وكان ذلك في سنة ٥٣٨ هـ (١). ودل ذلك الحادث على أن القوات البحرية المرابطية، كانت ما تزال، بالرغم مما حدث في داخل المغرب، يقظة ساهرة، على حراسة الشواطىء والثغور المغربية المرابطية.

ووقع بعد ذلك بقليل حادث كان له في مركز المرابطين أسوأ الأثر هو مصرع الرّبرتير قائد " الروم ". وتختلف الرواية في شرح هذا الحادث وفي تفاصيله.

ويقدم إلينا البيذق رواية خلاصتها، أن عبد المؤمن وجه حشود جزولة لقتال الربرتير، وكانوا بموضع يسمى " بكيرس "، فسار الربرتير في قواته للقائهم، وكانت جزولة تحتمي وراء خندق، فاستطاعوا أن يردوا الربرتير، فولى عنهم مهزوماً، وكتب إلى عبد المؤمن كتاباً يسدي فيه النصح، ويقول إن جزولة، قد غدروا بإخوانهم، وهم بلا ريب سوف يغدرون بك، وعندئذ عمد عبد المؤمن إلى تجريدهم من خيلهم وسلاحهم، ثم قتلهم جميعاً إلا الصبيان الصغار، واستولى على غنائمهم. فلما علم الربرتير بذلك قرر أن يسير لمهاجمة الموحدين، واستخلاص الغنائم منهم، فلم يعترض تاشفين على رغبته، ولكنه لم يسر معه، والتقى الربرتير بالموحدين في موضع يسمى " تاكوط آن تيفسرت " ونشبت بينه وبين الموحدين معركة عنيفة هلك فيها هو ومعظم جنده، ولم يسلم من عسكره حسبما يحدثنا البيذق سوى ستة، ثلاثة من الروم، وثلاثة من المرابطين، يذكر لنا البيذق أسماءهم.

وكان ذلك في سنة ٥٣٩ هـ (١١٤٤ م) (٢).

ويذكر لنا ابن عذارى من جهة أخرى مصرع الربرتير في جملة موجزة يقول فيها " في سنة تسع وثلاثين خرج قائد الروم بعسكره، ومعه عسكر لمتونة والحشم، فهزمهم الموحدون، وقتل القائد المذكور". وهذا ما ورد في الأوراق المخطوطة التي بين أيدينا من البيان المغرب. ولكن ابن عذارى يحاول فيما بعد، أن ينقل تفاصيل مصرع الربرتير عن ابن صاحب الصلاة، وذلك في القسم


(١) البيان المغرب (الأوراق المخطوطة - هسبيرس ص ١٠٨).
(٢) كتاب أخبار المهدي ابن تومرت ص ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>