للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى هي الرواية الراجحة، وأنه ليس من المعقول أن تصمد تلمسان في مثل هذه الظروف، أمام جيش مظفر مثل جيش عبد المؤمن، يندفع في فتوحه كالسيل يحمل من يصادره. هذا، وربما كان فيما يقول ابن صاحب الصلاة، مؤرخ الموحدين، ما يرفع هذا التناقض بين الروايتين، فهو يقول لنا إنه لما استقر عبد المؤمن بتلمسان بعد استشهاد من استشهد، امتنعت عليه قصبتها بمن فيها، فوضع عليها الحصار، ولما رحل إلى فاس ترك عسكراً ليتابع حصارها (١).

ومن ثم فقد لبث عبد المؤمن، وفقاً للرواية الأولى في تلمسان سبعة أشهر، ليستريح وليرقب شئون الفتوح في تلك المنطقة. ومن المعروف مما تقدم أن عبد المؤمن كان من أهل تاجرا (تاجررت) وبها كان مسقط رأسه، وأن أمه تنتمى إلى قبيلة كومية، وموطنها يقع في نفس المنطقة جنوب تاجرا. وإذاً فقد كان من الطبيعي أن يتمهل عبد المؤمن قليلا في تلك الربوع، التي نشأ فيها وترعرع، ولما تم تنظيم الشئون، ندب عبد المؤمن للولاية على تلمسان، سليمان بن محمد بن وانودين الهنتاني، ثم غادرها في قواته في ربيع الثاني سنة ٥٤٠ هـ (أكتوبر ١١٤٥ م)، قاصداً إلى مدينة فاس.


(١) أورده البيان المغرب، القسم الثالث - ص ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>