وادي آش. ثورة ابن جزى في جيان. ثورة أخيل بن إدريس في رندة. ثورة ابن عزون في شريش. عبوره إلى المغرب ولقاؤه لعبد المؤمن. إنضمامه إلى الموحدين عند عبورهم. رواية أخرى عن ابن عزون وبيعته لعبد المؤمن. قيام ابن ميمون في قادس. عبوره إلى المغرب وانضمامه إلى عبد المؤمن. ثورة ابن الحجام في بطليوس. دخوله في طاعة الموحدين.
كان من الطبيعي أن تحدث حوادث المغرب صداها القوي فيما وراء البحر، ْفي شبه الجزيرة الإسبانية، حيث كانت الدولة المرابطية تبسط سلطانها على مختلف القواعد الأندلسية. وقد اتخذ هذا الصدى منذ البداية، صورة ثورة عامة ضد المرابطين، اجتاحت الأندلس بسرعة من غربها إلى شرقها. بيد أنه يجب أن أن نلاحظ بادىء ذي بدء، أن هذه الثورة الجارفة ضد سلطان المرابطين لم تكن فقط نتيجة لحوادث المغرب، وظهور أمر الموحدين، وتضعضع قوى الدولة المرابطية، وعجز المرابطين عن حماية الأندلس من غزوات النصارى المخربة، وإن كانت هذه الحوادث، قد بثت إليها قوة واضطراماً جديدين. وإنما كانت عوامل الثورة الأندلسية، ضد الحكم المرابطي، تكمن منذ بعيد، بل هي ترجع حسبما أشرنا في مقدمة هذا الكتاب، إلى أعقاب الفتح المرابطي ذاته، حيث كانت الفكرة القومية تجيش بأذهان فريق كبير من أبناء الأمة الأندلسية، وكان هذا الفريق، يرى في المرابطين، بعد أن تبددت آثار المديح والإعجاب الأولى، التي تلت نصر الزلاقة، وبعد أن انقلب الإخوة المنقذون إلى فاتحين متغلبين، أجانب غاصبين، يستظلون بفكرة الجهاد، ليبسطوا سلطانهم على الأمة الأندلسية. وبالرغم من أن فكرة الجهاد الأولى، التي اضطلع بها المرابطون في الأندلس، في أوائل عهد علي بن يوسف، والتي أسفرت عند ظفرهم ضد الجيوش النصرانية، في عدة وقائع، مثل موقعة أقليش (٥٠١ هـ)، وما تلاها من الغزوات المظفرة، حتى موقعة إفراغة (٥٢٨ هـ)، كانت تغالب هذه الفكرة القومية، وتضفي على حكم المرابطين رونقاً ومجداً، فإن الأمة الأندلسية لم تنس الحقائق الواقعة، ولم تنس أنها قد فقدت استقلالها وحرياتها، في ظل الحكم المرابطي، خصوصاً بعد أن أخذت وطأة هذا الحكم تشتد شيئاً فشيئاً. وكانت ثورة قرطبة على حكومتها المرابطية في سنة ٥١٥ هـ (١١٢١ م)، أول تعبير مادي لهذا الشعور القومي، وأول نفثة لهذا السخط المكبوت ضد عسف الحكم المرابطي. وقد رأينا كيف أدرك أمير المسلمين علي بن يوسف يومئذ خطورة