إلى التشهير به. مروان بن عبد العزيز وتحريضه للخليفة عليه. عود ابن عطية إلى المغرب. اعتزام عبد المؤمن التنكيل به. القبض عليه وعقد مجلس لاتهامه. القبض على أخيه عقيل بن عطية. توسل ابن عطية إلى الخليفة للعفو عنه. إعراض الخليفة عن توسله والسر في ذلك. مسير الخليفة إلى تينملل ومعه الأخوان. إعدامهما خلال عوده إلى مراكش. تأملات عن هذا الحادث.
- ١ -
لم يكن عبد المؤمن بغافل عن أهمية الأندلس، والعمل على تحريرها من أيدي المرابطين باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الإمبراطورية المرابطية، التي نذر الموحدون أنفسهم للقضاء عليها، واستخلاص تراثها، ولم تكن تعوقه عن العناية بشئون الأندلس، أية حوادث أو مشاغل داخلية، مهما بلغت من الخطورة، فنراه في أدق المراحل من الصراع بينه وبين المرابطين، يستقبل وفود الأندلس، ويزودها بنصحه وعونه، ثم هو بعد ذلك ينتهز أول فرصة لتوجيه جيوشه إلى شبه الجزيرة، لتأخذ بنصيبها من حوادث الأندلس، ولتمهد السبيل لسيطرة الموحدين عليها.
وكان في مقدمة من وفد على عبد المؤمن من زعماء الثورة في الأندلس ضد المرابطين، أبو الغمر بن السائب بن عزون زعيم شريش وأركش ورندة، وأبو جعفر بن حمدين زعيم قرطبة المعزول، وفدا عليه في أوائل سنة ٥٤١ هـ وهو على حصار مراكش، لاستنهاض همته للتدخل في حوادث الأندلس، وإنجاد زعمائها الثائرين ضد المرابطين. ووفد في نفس الوقت أو بعده بقليل على عبد المؤمن زعيم الثورة في غرب الأندلس، أو زعيم ثورة المريدين أحمد بن قسيّ، عقب خلعه وفقده لإمارته في شلب وميرتلة على يد خصمه ومنافسه سيدراي بن وزير صاحب باجة. وقد سبق أن فصلنا في موضعه ظروف مقدمه على عبد المؤمن، وما يحيط بذلك من خلاف على تاريخ مقدمه، ومكان لقائه به. ثم وفد على عبد المؤمن في أوائل سنة ٥٤٢ هـ عقب افتتاح مراكش، وفد كبير من إشبيلية، وعلى رأسه القاضي أبو بكر بن العربي وعدة من زعماء إشبيلية، يحملون إليه بيعة أهل إشبيلية، وذلك على أثر افتتاح الموحدين لها. وفي أواخر سنة ٥٤٥ هـ وأوائل سنة ٥٤٦ هـ، وفد على عبد المؤمن، وهو بسلا يعد عدته لافتتاح إفريقية، وفود أندلسية عديدة من مختلف حواضر الأندلس، ومن بينها كثير من رجالات الأندلس البارزين، من الفقهاء والقضاة والزعماء والقواد، بلغوا نحو خمسمائة، وشرح له خطباؤهم خطورة عدوان النصارى على الأندلس،