للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحوائج، عشرين يوماً، حتى ختام عيد الأضحى لسنة ٥٥٥ هـ، وعندئذ أذن للوفود بالانصراف، فانصرف الناس إلى مواطنهم. وكان عبد المؤمن خلال ذلك يدرس شئون الأندلس مع الأشياخ والقادة، وينظر في المظالم ويقضي فيها، ويبذل لمختلف الوفود وعوده ببذل كل معونة لحماية الأندلس ومجاهدة أعدائها، وقد خصص لإنجادها بالفعل جيشاً مختلطاً من الموحدين والأندلسيين قوامه ثمانية عشر ألف فارس، وجعل على قيادة الموحدين ابن الشرقي وعلى قيادة الأندلسيين ابن صناديد (١)، وأعاد تعيين ولده السيد أبى يعقوب والياً لإشبيلية، وندب لمعاونته جماعة من أشياخ الموحدين ذوي المكانة والرأي، وولده السيد أبى سعيد والياً لغرناطة، وندب لولاية قرطبة الشيخ أبا حفص عمر اينتي، أو عمر ابن يحيى الهنتاني (٢). ولما فرغ من تنظيم شئون الأندلس على هذا النحو، عبر البحر إلى سبتة، عائداً إلى المغرب، وذلك في فاتحة سنة ٥٥٦ هـ (فبراير سنة ١١٦١ م) وسار توًّا إلى حاضرته مراكش. وكانت هذه الفترة القصيرة التي قضاها عبد المؤمن في جبل طارق، أو جبل الفتح، من مواسم الأندلس وأيامها المشهودة، بما تخللها من روعة السلطان، وعظائم الأمور.

- ٤ -

على أثر مغادرة الخليفة لجيل طارق، عائداً إلى المغرب، غادره السيد أبو سعيد إلى غرناطة، والسيد أبو يعقوب إلى إشبيلية.

وكان الموقف ما يزال في منطقة إشبيلية على خطورته، وأهل قَرْمونة على تمردهم بزعامة عبد الله بن شراحيل، ومحالفتهم لابن هَمْشك، ومحاصرتهم للحامية الموحدية بقصبتها، فجهز السيد أبو يعقوب لمحاربتهم حملة من الموحدين بقيادة الشيخ أبى محمد عبد الله بن أبى حفص بن علي. وسار الموحدون بقيادة ابن أبى حفص من قلعة جابر شمالا إلى قرمونة، ومعه أبو العلاء بن عزون في قوة من الجند الأندلسيين، وضربوا الحصار حول قرمونة. وكان ابراهيم ابن همشك، خلال ذلك قد غادر قرمونة إلى جيان ولم يعبأ بأمرها. وضيق الموحدون على قرمونة، وأرهقوها بالغارات المتوالية، حتى استطاعوا التفاهم سراً مع رجل من أهلها، على أن يفتح لهم باب البرج الأكبر، فتم ذلك، ودخل الموحدون


(١) الحلل الموشية ص ١١٨، والبيان المغرب - القسم الثالث ص ٤٦.
(٢) المراكشي في المعجب ص ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>