للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرمونة بغتة، وذلك في المحرم سنة ٥٥٧ هـ (ديسمبر سنة ١١٦١ م) (١)، وقُبض على عبد الله بن شراحيل، وأخذ مكبولا إلى إشبيلية مع نفر من أتباعه، وصلبوا هنالك في الميدان العام تحت قصر ابن عباد.

وهكذا عادت قرمونة إلى سلطان الموحدين بعد أن لبثت على خروجها نحو عامين منذ اقتحمها ابن همشك في ربيع الأول سنة ٥٥٥ هـ.

وفي نفس الوقت وصل إلى إشبيلية، جيش موحدي جديد، بقيادة يوسف ابن سليمان، فاطمئنت الخواطر، وساد الهدوء في إشبيلية ومنطقة الغرب كلها، وسارت منه قوة تحمل العتاد والأقوات إلى قرطبة لشد أزرها، وتقوية وسائل دفاعها (٢).

وكان ابراهيم بن همشك، حينما شعر بأن الجبهة الموحدية في إشبيلية وقرطبة، قد عززت، وأضحى من العسير مهاجمتها، قد اتجه وجهة أخرى ودبر خطة لمهاجمة غرناطة، وقد كانت أقرب إلى قواعده في جيان وهي التي عينه صهره ابن مردنيش لولايتها. ومن جهة أخرى فقد استطاع ابن همشك، أن يتفاهم سراً مع جماعة من يهود غرناطة، الذين أسلموا رغم إرادتهم، ومع حليفهم المسمى ابن دهري، وأن يتفق معهم على أن يسهلوا له دخول المدينة في ليلة معينة. وكانت غرناطة في الواقع دون دفاع قوي، وقد غادرها واليها السيد أبو سعيد إلى المغرب حسبما تقدم، ولم تبق بها سوى الحامية الموحدية. فسار إليها ابن همشك في بعض قواته، وفي ليلة من ليالي جمادى الأولى سنة ٥٥٥ هـ، تمت الخيانة المدبرة، وكسر اليهود بإيعاز ابن دهري، باب الربض بغرناطة، وتنادوا بالصياح " يا للأصحاب "، فدخل ابن همشك وأصحابه المدينة، وفر أنصار الموحدين إلى القصبة، وكانت تموج بمن فيها من جند الموحدين. ولما رأى ابن همشك حصانة القصبة، وقوة الحامية الموحدية، بعث إلى صهره محمد بن سعد ابن مردنيش، وكان يومئذ بمرسية، يطلب إليه الإنجاد ويطمعه في أخذ غرناطة، فحشد ابن مردنيش قوة من جنده، وانضمت إليهم فرقة من الجند النصارى بقيادة ألبار ردريجس الأصلع أو الأقرع حسبما تسميه الرواية العربية، وهو حفيد القائد


(١) أخذنا في تاريخ استرداد قرمونة برواية صاحب البيان المغرب (القسم الثالث ص ٤٦).
ويضع ابن صاحب الصلاة تاريخ أخذها في أوائل سنة ٥٥٦ هـ، وهو لا يتفق مع منطق الحوادث حيث طال حصار قرمونة نحو عام.
(٢) ابن صاحب الصلاة في المن بالإمامة - المخطوط - (لوحة ٢٤ أوب).

<<  <  ج: ص:  >  >>