للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق أن يؤملوا النجاة، إذا استطاعوا أن يشتروا حماية أولئك السيدات " (١).

هذا ما يقوله دوزي في " تاريخه ". وإليك ما يقوله في " بحوثه ":

" في نحو أواخر القرن الحادي عشر، حينما استبدلت الأندلس أمراءها الوطنيين، بمملكة إفريقية، جاءت كحليفة، ثم انتهت بأن فرضت سيادتها، حدثت في هذا البلد ثورة سريعة محزنة. فقد حلت البربرية مكان التمدن، وحل التخريف مكان الذكاء، وحل التعصب مكان التسامح. وأضحت البلاد تئن تحت النير المرهق الذي يفرضه رجال الدين والجند، فلم يعد يسمع مكان المناقشات العلمية الروحية في المعاهد، وأحاديث الفلاسفة العميقة، وأناشيد الشعراء، سوى صوت الفقهاء الرتيب، وضجيج السيوف تجر على الإفريز " (٢).

ونكتفي بنقل ما تقدم من أقوال دوزي وتعيلقاته عن المرابطين بالأندلس.

والواقع أنه يشهر مثل هذه الحملة، في مواطن كثيرة من تاريخه (٣). وهو بصفة عامة شديد الوطأة على المرابطين، وعلى عاهلهم يوسف، ينتقص منهم كأمة، وكدولة وحكومة، وهو قد يكون على حق في بعض الأحيان، وقد يجد سنداً لحملته في بعض الوقائع. ولكن حملته تنم على الأغلب عن روح واضح من التحامل.

ولقد رمى من قبل، دوزي بهذا التحامل العلامة المستشرق كوديرا، فهو يقول معلقاً، على تلك الأحكام التي أصدرها دوزي في حق المرابطين:

" لقد صيغت أحكام قاطعة جداً، مجحفة بالنسبة لحكم المرابطين. ولما كنا نعتقد أنه لا مبرر لهذه الأحكام، بالرغم من مكانة دوزي العظيمة، الذي حذا حذوه معظم الكتاب المتأخرين، فإنا نعتقد أنه يجب علينا أن نقول شيئاً من عندنا، لأنه إذا كان يبدو أن العلامة الهولندي يستند في أقواله إلى وقائع مأخوذة من الكتاب المسلمين والنصارى، فإني أشعر أنه يجيش بكثير من التحامل، وهذا يرجع بالأخص إلى تعصبه ضد رجال الدين، وإلى تطبيق هذا التعصب بالنسبة للأمة الإسلامية، وإلى ميله الواضح إلى التعميم، وإلى أن يستخرج النتائج بالاستناد إلى قليل من الوقائع " (٤).


(١) Dozy: Histoire des Musulmans d'Espagne (١٩٣٢) V. III. p. ١٦٢-١٦٤
(٢) Dozy: Recherches (Ed. ١٨٨١) Vol. I. p. ٣٤٨
(٣) انظر مثلا: تاريخه (ج ٣ ص ١٥٥ و ١٥٧ و ١٦٨).
(٤) F. Codera: Decad. y Desp. de los Almoravides, p. ١٩٠ & ١٩١

<<  <  ج: ص:  >  >>