للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الفقهاء الذين جمعوا بين الفقه والأدب، أحمد بن محمد بن هذيل الأنصاري من أهل بلنسية. درس بها وبقرطبة، وبرع في الفقه، وتولى خطة الشورى ببلنسية، ثم تولى قضاء بعض مدن ولاية قرطبة مثل إستجة وباغة. وكان فوق ذلك شغوفاً بالأدب، بارعاً في الكتابة، محسناً للنظم، وولى في أواخر حياته خطة المواريث ببلنسية في إمارة محمد بن سعد، ثم اضطهد، ونفي إلى جزيرة شُقر، وهنالك توفي في سنة ٥٥٨ هـ (١).

ومنهم أحمد بن حسن بن سيد الجراوي من أهل مالقة، ويعرف بابن سيد.

درس الحديث واللغة والأدب على أقطاب عصره، وكان بارعاً في اللغة، وفي النحو، وله حظ من قرض الشعر الجيد، وقد أورد لنا صاحب التكملة، من شعره هذين البيتين:

وبين ضلوعي للصبابة لوعة ... بحكم الهوى تقضي علي ولا أقضي

جنى ناظري منها على القلب ما جنى ... فيا من رأى بعضاً يُعين على بعض

وتوفي ابن سيد في نحو سنة ٥٦٠ هـ (٢).

وظهرت بالأندلس في العصر المرابطي، حركة دينية خاصة، اتخذت طابع التصوف، وهي التي أسفرت عن قيام طائفة المريدين في غربي الأندلس. وكان إمام هذه المدرسة العلامة الصوفي أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله الصنهاجي المعروف بابن العريف. وهو من أهل ألمرية، وبها ولد سنة ٤٨١ هـ.

ودرس علوم القرآن والسير، وغلب عليه الزهد والورع، ومال إلى طرق الصوفية، حتى غدا من أقطاب نحلتهم. وألف عدة تصانيف منها " كتاب المجالس "، وكتب رسالة يحمل فيها على الفيلسوف ابن حزم، وكانت بينه وبين القاضي عياض السبتي، مراسلات ومجادلات فقهية. والظاهر أنه قد أثار بكتاباته وتعاليمه سخط الفقهاء المرابطين، فسعوا به إلى علي بن يوسف، فاستدعاه إلى مراكش وبقى بها بحالة اعتقال حتى توفي، وذلك في صفر سنة ٥٣٦ هـ (١١٤١ م)، واحتفل الناس بجنازته، وندم أمير المسلمين على ما كان منه في حقه (٣).


(١) ترجمته في التكملة رقم ١٧٩.
(٢) ترجمته في التكملة رقم ١٨٢.
(٣) راجع ترجمة ابن العريف في وفيات الأعيان (ج ١ ص ٦٧). وكذلك في الصلة لابن بشكوال ترجمة رقم ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>