وكان ابن العريف ينظم الشعر الروحي الجيد ومن ذلك قوله:
سلوا عن الشوق من أهوى فإنهم ... أدنى إلى النفس من وهمي ومن نفسي
ما زلت مذ سكنوا قلبي أصون لهم ... لحظي وسمعي ونطقي إذ هُمُوا أنسى
وفي الحشا نزلوا والوهم يجرحهم ... فكيف قروا على أذكى من القبس
حلّوا الفؤاد، فما أندى ولو وطئوا ... صخراً لجاد بماء فيه منبجس
لا تنهض إلى حشري بحبهم ... لا بارك الله فيمن خانهم فنسى
وقد ذكرنا فيما تقدم أن أحمد بن قسيّ زعيم الثورة في غربي الأندلس.
كان من تلاميذ ابن العريف، وأنه أخذ عليه بألمرية تعاليمه وطريقته، وهي التي عرفت بطريقة " المريدين "، واتخذها ابن قسي وأصحابه شعاراً لثورتهم في الغرب.
والظاهر أن ابن قسي، هو المسئول عن تطور الدعوة، إلى هذا الاتجاه الذي اتخذته في الغرب، والذي أسبغ عليها هذا الطابع الثوري الخاص، وأن ابن العريف لم يكن له في صوغها سوى العنصر الروحي. وعلى أي حال فإنه لا توجد لدينا عن دعوة " المريدين " معلومات كافية، تفصح عن مبادئها الحقيقة، وكل ما يقدمه إلينا ابن الأبار في ذلك أنها كانت دعوة شعارها " التهليل والتكبير " (١).
وقد كتب عبد الملك بن صاحب الصلاة، مؤرخ الموحدين عن " ثورة المريدين " ْكتاباً يشير إليه في مواضع كثيرة من تاريخه المسمى " المن بالإمامة "، ولكن هذا الكتاب لم يصل إلينا. وما نود أن نشير إليه هنا، هو أن ابن قسي كان إلى جانب جانب زعامته الثورية، من علماء الدين والكلام، وكان أديباً وشاعراً من شعراء العصر. وقد أوردنا فيما تقدم شيئاً من نظمه.
وكان من زملاء ابن قسيّ في حمل لواء دعوة المريدين، محمد بن عمر ابن المنذر الذي تتبعنا أخباره فيما تقدم. وكان فقيهاً متمكناً، ةأديباً بارعاً، وشاعراً مقتدراً، وقد أوردنا كذلك فيما تقدم شيئاً من نظمه.
وكان من أدباء المريدين وشعرائهم، أبو بكر بن المنخّل الشلبي، وزير ابن المنذر المتقدم وكاتبه. وكان شاعراً جزلا، وقد انضم بعد انهيار الثورة في الغرب إلى الدعوة الموحدية، وكان ممن مدح الخليفة عبد المؤمن خلال وجوده في جبل طارق. وقد أورد لنا ابن الأبار طائفة من نظمه، ومن ذلك قوله مخاطباً ابن المنذر:
(١) ابن الأبار في الحلة السيراء ص ١٩٩.