للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبيات جمل الزجاجي، وكتاب الفوائد والفرائد وغيرها. وتوفي بفاس سنة ٥٥٥ هـ (١).

ومنهم عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن يزيد السعدي، من أهل قلعة يحصب، أبو محمد، درس على أبى جعفر البطروجي، وأبى الحسن بن الباذش، وكان متمكناً من الفقه ومن علم القراءات، بارعاً في اللغة والأدب، متبحراً في النحو، مستظهراً لكتاب سيبويه، مشاركاً في عدة فنون أخرى. غادر موطنه الأصلي إلى بلدة القبذاق (٢) من أعمال جيان، فاستوطنها، وتوفي بها في سنة ٥٥٩ هـ، (١١٦٤ م) (٣).

- ٢ -

وأما عن العلوم، فنستطيع أن نقول إنها حظيت في العهد المرابطي بنهضة زاهرة، وإن لم تكن هذه النهضة في الواقع سوى امتداد للنهضة الفكرية في عصر الطوائف. وظهر في العهد المرابطي عدد من الشخصيات اللامعة التي تعتبر من أقطاب العلم الأندلسي، بل من أقطاب العلم في سائر العصور والأمم.

أولهم الفيلسوف أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ التجيبي المشهور بابن باجّة، وهو سرقسطي، نشأ في أواخر دولة بني هود، ونبغ في الرياضة والفلك والطبيعة والفلسفة، في ظل تلك المدرسة الرياضية، التي ازدهرت في ظل المقتدر ابن هود وولده المؤتمن. ولما ولى الأمير أبو بكر بن إبراهيم المسّوفي، وهو ابن عم أمير المسلمين علي بن يوسف وصهره، حكم سرقسطة في سنة ٥٠٨ هـ، استوزر أبا بكر، واختص به، وأغدق عليه ثقته ورعايته، بالرغم مما كان ينسب إليه من الآراء الإلحادية. وقد حمل عليه معاصره الفتح بن خاقان في كتابه المطمح، ورماه بالإلحاد وانحلال العقيدة، وقال في حقه: " نظر في تلك التعاليم، وفكر في أجرام الأفلاك وحدود الأقاليم، ورفض كتاب الله الحكيم ". ولما سقطت سرقسطة في أيدي الإسبان في سنة ٥١٢ هـ (١١١٨ م)، غادرها ابن باجّة إلى إشبيلية، ثم إلى شاطبة، ثم نزح إلى المغرب، وتوفي بفاس سنة ٥٣٣ هـ (١١٣٨ م). ويعتبر ابن باجة من أعظم فلاسفة الأندلس ومفكريها. وقد كتب


(١) ترجمته في التكملة رقم ١٧٥.
(٢) القبذاق هي بلدة Alcaudete الحديثة، وهي تقع على مقربة من جنوب غربي جيان.
(٣) التكملة لابن عبد الملك، مخطوط الإسكوريال (رقم ١٦٨٢ الغزيري).

<<  <  ج: ص:  >  >>