الأسترياس، وفي خلال هذه الحملة، علق بحب فتاة حسناء تدعى كونترودا هي ابنة الكونت بيدرو دياث، وأعقب منها فيما بعد ابنة سميت أوراكا، عهد بتربيتها إلى أخته دونيا سانشا. وهكذا غدت هذه المغامرات الغرامية الملوكية تقليداً راسخاً في بلاط قشتالة في هذا العصر.
وفي خلال ذلك لم ينس ألفونسو ريمونديس مهمته الأولى، كملك لقشتالة أولا، وعميد لملوك اسبانيا النصرانية ثانياً، وهي متابعة الحرب ضد اسبانيا المسلمة، وكانت هذه المهمة التي يحيطها ملوك قشتالة، بنوع من التقديس، قد تراخت نوعاً أيام والدته أوراكا، بسبب ما شغل قشتالة عندئذ من منازعات وحروب أهلية متوالية.
وشغلت الجيوش المرابطية من جانبها بمدافعة ألفونسو المحارب ملك أراجون، والاشتباك معه في معارك متوالية في شرقي الأندلس، وفي جنوبها، وفي الثغر الأعلى، وكان ملك أراجون، بعد وفاة ملك قشتالة القوي ألفونسو السادس، هو الذي يضطلع يومئذ بمهمة الصراع الذي تشهره اسبانيا النصرانية على اسبانيا المسلمة.
على أن ملك قشتالة الفتى ألفونسو ريمونديس، ما كاد يسوى نزاعه مع ملك أراجون، وما كاد يطمئن إلى استقرار السكينة والسلام في مملكته، حتى استدعى مجلساً في بالنسيا (كورتيس) لكي يبحث خطط الحرب ضد المسلمين (سنة ١١٣٠ م). وكانت الغزوات المرابطية، قد أخذت قبل ذلك بقليل تتوالى في أراضي قشتالة، ولاسيما مذ ولي الأمير تاشفين بن علي بن يوسف شئون الأندلس في سنة ٥٢٢ هـ (١١٢٨ م). وقد فصلنا نحن من قبل تفاصيل الغزوات التي قام بها المرابطون يومئذ في أراضي قشتالة، والغزوات التي قام بها القشتاليون في أراضي الأندلس، فلا حاجة بنا إلى أنا نعود إلى ذكرها هنا. بيد أنه مما تجب ملاحظته أن هذه الفترة التي توالت فيها غزوات القشتاليين لأراضي الأندلس الوسطى، هي نفس الفترة التي اشتدت فيها وطاة ألفونسو المحارب ملك أراجون على شرقي الأندلس والثغر الأعلى. وقد سبق أن فصلنا كيف أحرز ألفونسو نصره على المرابطين في موقعة القلاعة جنوبي بلنسية في سنة ٥٢٣ هـ (١١٢٩ م) وكيف غزا ألفونسو بعد ذلك أراضي بلنسية، وعاث فيها، ثم عاد فهاجم مكناسة من قواعد الثغر الأعلى، واستولى عليها في سنة ٥٢٧ هـ (١١٣٣ م) ثم كان حصاره لإفراغة ونكبته تحت أسوارها، وموته على أثر تلك النكبة، وذلك في شهر يوليه سنة ١١٣٤ م (رمضان سنة ٥٢٨ هـ).