لولاية الملك الطفل ألفونسو. تأييد قشتالة ورجال الدين لتلك الحركة. انسحاب فرناندو من قشتالة. قيام جماعات الفرسان الدينية في اسبانيا. جمعية فرسان المعبد. استقرارها في أراجون وقطلونية. قيام جمعية فرسان قلعة رباح. جماعة القديس ياقب.
١ - وفاة ألفونسو المحارب وولاية أخيه الراهب راميرو
كان مصرع ألفونسو المحارب على ذلك النحو المفاجىء الذي حدث عقب موقعة إفراغة، نذيراً بوقوع تطورات هامة في مصاير اسبانيا النصرانية، على نحو ما كانت وفاة ألفونسو السادس ملك قشتالة قبل ذلك بخمسة وعشرين عاماً.
فقد توفي كلاهما دون وارث للعرش. وقد رأينا كيف تولت أورّاكا عرش قشتالة تنفيذاً لوصية أبيها، وما ترتب على ذلك من الحوادث والخطوب، وكذلك فقد كانت وفاة ألفونسو المحارب دون عقب، مثاراً لأحداث وتطورات جديدة حول عرش أراجون.
وكان ألفونسو المحارب من أعظم ملوك اسبانيا النصرانية في العصور الوسطى، وقد استطاع خلال الأعوام الثلاثين التي حكمها منذ وفاة أخيه الملك بيدرو في سنة ١١٠٥ م، أن يجعل من أراجون أعظم ممالك اسبانيا النصرانية وأقواها، وإن لم تكن أضخمها رقعة، وغدا بزواجه من أوراكا ملكة قشتالة، أعظم عاهل لإسبانيا النصرانية كلها. وأنفق ألفونسو معظم جهوده الحربية في محاربة المسلمين، وانتزع قواعد مملكة سرقسطة الباقية من بني هود، ثم انتزع سرقسطة ذاتها من أيدي المرابطين، وقام بغزوته الشهيرة في قلب الأندلس، واخترقها من أقصاها إلى أقصاها، وأطل بقواته على شاطئها الجنوبي (٥٢٠ هـ -١١٢٧ م).
وقد أظهرت هذه الغزوة الجريئة التي فصلنا حوادثها فيما تقدم، ضعف وسائل الدفاع عن الأندلس. وحقق المحارب بافتتاحه لسرقسطة، والقضاء عليها كحاجز دفاعي للمسلمين في الثغر الأعلى، ما حققه ألفونسو السادس بافتتاح طليطلة، من فتح طريق التاجُه، فأصبحت الأندلس معرضة للغزو النصراني من الشمال الشرقي، ومن الوسط، وسارت سياسة الإسترداد النصرانية La Reconquista من ذلك الحين في الاتجاهين دون عائق قوي، وتنوه الرواية الإسلامية ذاتها بشجاعة ألفونسو المحارب، وشديد بأسه. فيقول لنا ابن الأثير في وصفه: " وكان من أشد ملوك الفرنج بأساً وأكثرهم تجرداً لحرب المسلمين،