خالته تريسا، وإرغام الأمير الخارج عليه، على التزام الطاعة، ونشبت بين البرتغال وقشتالة حرب طويلة الأمد، وكان مسرحها بالأخص جنوبي جيلقية، ولم يكن في وسع ملك قشتالة أن يتابع هذه الحرب بنفسه، لما كان يشغله من غارات المسلمين ومدافعة ملك أراجون. ولما توج ألفونسو ريمونديس قيصراً لإسبانيا في سنة ١١٣٥ م، رفضت البرتغال أن تسلم بهذا الادعاء، وشاطرها في ذلك غرسيه راميريس ملك نافارا، ووقع عندئذ نوع من التحالف بين نافارا، والبرتغال. وبينما سار القيصر لمحاربة نافارا، زحف البرتغاليون على جليقية، واستولوا على مدينة توي وعدة مواضع أخرى، فنهض أشراف جليقية لمقاومة البرتغاليين، ونشبت بين الفريقين معركة شديدة، وكان الظفر فيها لألفونسو هنريكيز، ولكنه اضطر أن يترك الميدان وقتاً لكي يرد غزوة قام بها المرابطون على مقربة من قلمرية، ولكن المرابطين كانوا قد انسحبوا خلال ذلك عائدين إلى أراضيهم، فلما عاد ألفونسو هنريكيز ثانية لاستئناف القتال في جليقية، كان خصومه قد جمعوا فلولهم، واستكملوا أهبتهم، فلما اشتبك الفريقان كرة أخرى، دارت الدائرة في هذه المرة على البرتغاليين، فهزموا هزيمة شديدة وجرح أميرهم. ولم يمض سوى قليل على ذلك حتى فرغ القيصر ألفونسو ريمونديس من حرب نافارا، وعاد بنفسه لمحاربة البرتغال، وتوالى الاشتباك بين الفريقين.
وكان ألفونسو هنريكيز يحرص على ألا يلتقى مع القشتاليين في معركة حاسمة، ثم رأى في النهاية نزولا على نصح قادته أن يتقدم بطلب الصلح إلى القيصر، وتوسط مطران براجا في الأمر، وانتهت المفاوضة إلى عقد هدنة بين الفريقين، واتفق على تبادل الأسرى من الجانبين، وإعادة الحدود بين البلدين، كما كانت في آخر عام من حكم الملكة تريسا، ولم يتفق على شىء بالنسبة للمسألة الجوهرية التي كانت سبب الحرب، وهي مسألة تبعية البرتغال لمملكة قشتالة. وعلى أي حال فقد عقد السلم بين الفريقين، واجتمع القيصر وألفونسو هنريكيز في خيمة واحدة، وتصافحا، وتصافيا، ثم عاد كل منهما إلى أراضيه (سنة ١١٣٨ م).
تحدثنا الرواية النصرانية بعد ذلك عن غزوة عظيمة قام بها ألفونسو هنريكيز في الأراضي الإسلامية في العام التالي، أعني في سنة ١١٣٩ م (٥٣٣ هـ)، وأحرز فيها نصراً باهراً على الجيش الإسلامي الضخم الذي حشده ولاة بطليوس ويابرة وباجة وإشبيلية، وذلك في مكان يسمى " أوريك " على ضفة نهر التاجُه،