في النهاية أن تحافظ عل ما كسبه زوجها من أراضي جليقية، وأن تكسب من أختها أراضي جديدة في أحواز سمورة وطورو ثمناً لتخليها عن تحالفها مع الثوار (سنة ١١١٩)، ورأينا كيف احتذت حذو أختها أوراكا في التورط في مسلكها الأخلاقي المشين، وتوثيق علائقها الغرامية بالكونت فرناندو بيرث، وتركه يتصرف في شئون الإمارة بصورة سخط لها الشعب البرتغالي، وأخيراً كيف انتهى ألفونسو ريمونديس إلى إخضاعها، وإلى أرغام البرتغال أن تعترف باسم أميرها الصبي ألفونسو هنريكيز أنها مستظلة بحمايته.
وفي خلال ذلك استطاعت تريسا أيضاً أن تصمد لغزوات المسلمين لأراضيها.
وكانت أهم غزوة واجهتها من المرابطين، هي زحف أمير المسلمين علي بن يوسف على قلمرية عاصمة الإمارة ومحاصرته لها، ودخوله إياها، وذلك في يونيه سنة ١١١٧ م (سنة ٥١١ هـ). بيد أن المرابطين لم يحتفظوا بها بل غادروها على الأثر، وقفلوا إلى إشبيلية، وذلك حسبما فصلناه من قبل في موضعه.
ولم تمض على ذلك أعوام قلائل حتى سئم الشعب حكم هذه الأميرة المستهترة، وأخذ يتطلع إلى أميره الفتى ألفونسو هنريكيز، وكان الأمير قد بلغ الرابعة عشرة ْمن عمره (سنة ١١٢٤ م)، واتشح بثوب الفروسة وفقاً لتقاليد العصر، وأجازه لذلك الملك ألفونسو ريمونديس. وكان الشعب يحبو أميره الفتى بحبه، لما كان يتصف به من الخلال الحميدة، من الفروسة والتقوى، ورقة الشمائل، وتوقير رجال الدين، ويرى أن الوقت قد حان لتقديمه وتوليه شئون الحكم. وأخيراً دبر الأشراف والأحبار مؤامرة لتحقيق هذه الأمنية، والتف حول الأمير جمع كبير من الأنصار، وشهر الحرب ضد أمه المستبدة، فلقيته في أنصارها في سنت مايميتي على مقربة من جويمرانس، فهزمت الأم، وأسرت وألقيت إلى السجن لتكفر عن زلاتها، وماضيها الأثيم، ونفى خليلها أو زوجها الكونت فرناندو بيرث من المملكة ونفى معه كثير من أنصاره. وتولى الأمير الفتى ألفونسو هنريكيز حكم إمارة البرتغال، وكان ذلك في سنة ١١٢٨ م، وقد بلغ الأمير الثامنة عشرة من عمره.
وأعلن ألفونسو هنريكيز أنه يتولى حكم إمارته مستقلا دون تبعية لأحد.
فثار لذلك ألفونسو ريمونديس ملك قشتالة، إذ كان يعتبر البرتغال إقليماً من أقاليم مملكته مشمولا بحمايته. وزحف بقواته على البرتغال بحجة العمل على إنقاذ