للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١

رسالة الإمام الغزالي إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين

(منقولة عن المخطوط رقم ١٢٧٥ ك (الكتانية) المحفوظ بخزانة الرباط وعنوانه " مجموع أوله كتاب الأنساب " لوحة ١٣٠ - ١٣٣).

الأمير جامع كلمة المسلمين، وناصر الدين، أمير المؤمنين أبو يعقوب يوسف بن تاشفين، الداعي لأيامه بالخير، محمد بن محمد بن محمد الغزالي، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيد المرسلين وساير النبيين وعلى آله وأصحابه أجمعين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليومٌ من سلطان عادل، خير من عبادة سبعين سنة. وقال صلى الله عليه وسلم، ما من والى عشرة إلا ويؤتى به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه، أوبقه جوره أو طلقه عدله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله، وعدل الإمام العادل أولهم، ونحن نرجو أن يكون الأمير جامع كلمة الإسلام، وناصر الدين، ظهير أمير المؤمنين، من المستظلين بظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله، فإنه منصب لا ينال إلا بالعدل في السلطنة، وقد آتاه الله السلطان، وزينه بالعدل والإحسان. ولقد استطارت في الآفاق محامد سيره، ومحاسن أخلاقه على الإجمال، حتى ورد الشيخ الفقيه الوجيه أبو محمد عبد الله بن عمر بن العربي الأندلسي، حرس الله توفيقه، فأورد من شرح ذلك وتفصيله، ما عطر به أرجاء العراق، فإنه لما وصل إلى مدينة السلام، وحضرة الخلافة، لم يزل يطنب في ذكر ما كان عليه المسلمون في جزيرة الأندلس من الذل والصغار، والحرب والاستصغار، بسبب استيلاء أهل الشرك، وامتداد أيديهم إلى أهل الإسلام بالسبي والقتل والنهب، وتطرقهم إلى اهتضام أهل الإسلام، بما حدث بينهم من تفرق الكلمة، واختلاف آراء الثوار المحاولين للاستبداد بالإمارة، وتقاتلهم على ذلك، حتى اختطف من بينهم حماة الرجال، بطول القتال والمحاربة والمنافسة، وإفضاء الأمر بهم إلى الاستنجاد بالنصارى حرصاً على الانتقام، إلى أن أوطنوهم

<<  <  ج: ص:  >  >>