وله (أي لأمير المسلمين) إلى الفقيه القاضي وسائر الفقهاء والوزراء والأعيان والكافة ببلنسية عند نزول ابن رذمير عليها
(منقولة عن المخطوط رقم ٤٨٨ إسكوريال السابق ذكره لوحة ٧٢ - ٧٣ أ).
كتابنا أبقاكم الله، وأمدكم بتقواه، ووفقكم لما يرضاه، ولا أخلاكم من لطايف رضاه، وعوارف نعماه، من حضرة مراكش حرسها الله، لسبع خلون من شعبان المكرم سنة ثلث وعشرين وخمس مائة. وقد وصل إلينا كتاب الفقيه الخطيب القاضي أبى الحسن منكم أعزه الله بتقواه، مضمناً من ذكر ما بلغه الوجل من نفوسكم، ما لا نزال نتوخاً بحسبه ان شاء الله ما يفي بترفيهكم وتأنيسكم، فلا يذهبن بكم الجزع لما كان من انكشاف المسلمين هناك عن مراكزهم، وتصييرهم ما صيروه من محلتهم، فرصة لمناهزتهم، وانهزامهم بغير سبب سوى تخاذلهم المعتاد، مع ما كانوا عليه من تكاثر الأعداد، وتظاهر الأجناد، فحسبناهم جميعاً وقلوبهم شتى، ولشد ما وعظناهم في ذلك وذكرناهم، فما نجعت فيهم الموعظة، ولا نفعتهم الذكرى. وبعد فإنا لا ندعكم بحول الله لضياع، ولا نألوكم إلا اهتبالا يذهب بمشيئة الله ما نالكم من توقع وارتياع، فطيبوا أنفساً، واطمئنوا قلوباً، والله يجعل من دون ما توقعتموه فتحاً قريباً، إنه هو الفتاح العليم المنان الكريم، لا رب غيره. واعلموا أنه قد نفذت الآن كتبنا ثانية، إلى ولاة أعمالنا كلأهم الله وإياها، نأمرهم بتسريب الأقوات، وتعجيل إنفادها نحوكم من كل الجهات، وسيرد عليكم منها الكثير الموفور لأقرب الأوقات، ثم لا تزالون من بالنا بأحق مكان من المراعاة والمحاماة، ان شاء الله تعالى، وهو سبحانه يوفقنا لصالح نتوخاه من لم شعثكم، وسد خللكم، وإذهاب مكترثكم، وحسم عللكم، ويقضي بما يضم نشرهم، ويشد أزرهم، ويصلح أمرهم، ويسد ثغرهم، ويحفظ الألفة عليهم، ويربي النعمة لديهم برحمته، وتبلغوا أبقاكم الله سلاماً كثيراً أثيراً خطيراً موفوراً.