للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخيه السيد أبي سعيد عثمان، وبجاية التي كانت لنظر أخيه السيد أبي محمد عبد الله. وفي سنة ٥٥٩ هـ، وفد عليه أخواه السيد أبو سعيد، والسيد أبو عبد الله، كل في أشياخ إمارته، طائعين تائبين، وقدما إليه البيعة، وبذلك كملت بيعته. وذكر القاضي أبو الحجاج يوسف بن عمر، وهو من قضاة عبد المؤمن ومن مؤرخي الموحدين، أن أبا يعقوب يوسف بويع بيعة الجماعة واتفقت الأمة على بيعته في اليوم الثامن من ربيع الأول سنة ٥٦٠ هـ، وذلك بعد وفاة أبيه بعامين، وبعد أن بايعه أخوه السيد أبو سعيد والي قرطبة، وتسمى من ذلك الوقت بأمير المؤمنين، بعد أن كان يتسمى بالأمير (١). وتولى السيد أبو حفص منذ البداية شئون الحجابة لأخيه السيد أبي يعقوب " على معنى الوزارة والإمارة " بتنفيذ الأوامر السلطانية باسمه وعن أمره، على نحو ما كان عليه عند أبيه الخليفة عبد المؤمن من تولي شئون وزارته. والظاهر مما تؤكده لنا الرواية من أن السيد أبا حفص كان يزاول سلطته عن رضى من أخيه السيد أبي يعقوب، وأن علائق الأخوين كانت يسودها الصفاء والمحبة، أن السيد أبا حفص، كان في منصبه يزاول سلطة مطلقة، وأنه كان هو الخليفة الفعلي، وأنه لم يترك لأخيه السيد أبي يعقوب سوى مظاهر الإمارة الشكلية. وكان الوزير إدريس بن إبراهيم بن جامع وهو من قرابة المهدي، يمثل بين أيديهما لرفع المسائل، وتوصيل رغبات الوافدين والسائلين، وكان يؤدي دوره في تنظيم الصلة بين الأميرين، وفي التوسط بينهما، ببراعة وكياسة (٢). بيد أن السيد أبا حفص لم يمكث في منصبه هذا سوى فترة قصيرة لم تطل سوى عامين، وانفرد بشئون الحجابة والوزارة من بعده الوزير ابن جامع (٣). وفي بداية عهد أبي يعقوب في سنة ٥٥٩ هـ (١١٦٤ م) وقعت ثورة محلية في منطقة غُمارة، بزعامة مزيزدَغ الغماري الصنهاجي من صَنهاجة مفتاح، فتغلب على تلك المنطقة، والتفت حوله جموع غفيرة من غمارة، وصنهاجة،


(١) راجع روض القرطاس ص ١٣٧.
(٢) ابن صاحب الصلاة في كتاب " المن بالإمامة " (المخطوط السالف الذكر لوحة ٤٨ ب) وكذلك البيان المغرب، القسم الثالث ص ٥٩.
(٣) ابن صاحب الصلاة في " المن بالإمامة " لوحة ٧١ أ، والمعجب ص ١٣٧، والبيان المغرب القسم الثالث ص ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>