للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت هزيمة فحص الجلاب من أقسى الضربات التي أصابت ابن مردنيش، وكانت بداية انحلال ثورته، وانهيار سلطانه في شرقي الأندلس.

وحدث في مراكش خلال ذلك أعني في عام ٥٦٠ هـ، وفي أثناء غياب السيد

أبي حفص بالأندلس، حدث هام، هو تولي الخليفة أبي يعقوب يوسف لسلطانه المباشر، واختصاصه للوزير أبي العلاء إدريس بن جامع بتدبير الشئون وتقريبه إياه، واختار ابن جامع لمعاونته صفوة من رجاله المخلصين، في مقدمتهم الخطيب أبو الحسن الإشبيلي، وأبدى في منصبه كفاية وغيرة ونزاهة، وبذل في تصريف الأمور وإقامة العدل، وتوطيد السكينة والأمن، جهوداً مشكورة، حتى كان الراكب وفقاً لقول المؤرخ " يسير حيث شاء من بلاد العدوة في طرقها من جبلها وسهلها آمناً في نفسه وماله لا يخاف إلا الله ". وأحسن لمن وفد عليه واستغاث به، من أجناد الأندلس المُضامين أو المأسورين، يفتديهم بماله، ويهبهم الخيل وآلات الحرب والكساء، وأسبغ رعايته على الموحدين المقيمين، وعلى طلبة الحضر الوافدين إلى العاصمة، وفرض الزكاة على حكم الكتاب والسنة، وأنفقها في وجوهها المشروعة (١).

وحدث في هذا العام أيضاً أن عادت الفتنة إلى منطقة غُمارة، وعادت بعض بطون صنهاجة إلى نقض الطاعة بقيادة سبع بن منعفاد. فخرج إليهم الشيخ أبو حفص عمر بن يحيى، في حملة من الموحدين، سارت إلى جبال غمارة، وضيقت على الثوار، حتى أذعنوا إلى طلب الأمان تائبين ضارعين، معلنين للطاعة والخضوع (٢). بيد أنه كان، كما سنرى، خضوعاً خادعاً مؤقتاً.

- ٢ -

على أثر انتصار الموحدين في موقعة فحص الجلاب، قام السيدان أو حفص وأبو سعيد، بوضع حاميات موحدية في الأماكن المفتوحة، وتنظيم حكمها،


= وتراجع أخبار موقعة فحص الجلاب أيضاً في روض القرطاس ص ١٣٧، والبيان المغرب - القسم الثالث ص ٦٤ و ٦٥، وكذلك في Huici Miranda: Imperio Almohade, V. I. p. ٢٢٦ & ٢٢٧ M. O. Remiro: Murcia Musulmana, p. ٢١٩ - A. P. Ibars: Valencia Arabe, p. ٥٤١
(١) كتاب " المن بالإمامة " المخطوط السالف الذكر لوحة ٧١ أوب، وكذلك البيان المغرب القسم الثالث - ص ٦٥، و ٦٦ وهو ملخص من كتاب " المن بالإمامة ".
(٢) كتاب أخبار المهدي ابن تومرت ص ١٢٤، و " المن بالإمامة " لوحة ٧٢ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>