للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبول في قرعها خمسة عشر يوماً، ثم انصرف الغازون إلى قبائلهم (١).

وكان أول ما عنى به الخليفة أبو يعقوب بعد الانتهاء من هذه الحفلات، هو النظر في تعيين الولاة. وكانت بجاية وإشبيلية في مقدمة الولايات التي خلت رياستها، فقرر الخليفة بعد مشاورة أخيه السيد أبي حفص، أن يعين لولاية بجاية وأقطارها أخاه السيد أبا زكريا يحيى بن عبد المؤمن. فسار إليها من الحضرة في فاتحة جمادى الأولى سنة ٥٦١ هـ، ومعه جملة من أبناء الجماعة والحفاظ وعين لولاية إشبيلية الشيخ أبا عبد الله بن أبي إبراهيم إسماعيل، أحد أصحاب المهدي العشرة، وعين له وزيراً لمعاونته هو أبو زكريا بن سنان، وهو من أكابر علماء الدعوة المهدية، فغادر مراكش في صحبة من الحفاظ إلى مقر ولايته، في الحادى والعشرين من جمادى الآخرة، ووصل إلى إشبيلية في أول شهر رجب. وما كاد يصل إليها، حتى كانت جماعة من نصارى شنترين، قد اخترقت ولاية الغرب، ووصلت في غارتها إلى بلدة طلياطة، الواقعة جنوبي شرقي لَبلة. فجهز الشيخ أبو عبد الله حملة لردهم من الحفاظ والعرب وجند إشبيلية، بقيادة أبي العلاء بن عزون، فادركتهم وهزمتهم، واستنقذت منهم الغنائم والأسرى، وأسرت جملة منهم. وبعث الوالي الجديد بخبر هذه الموقعة إلى الخليفة فسر به، وبعث إليه بشكره.

ولم يمض على انفراد الشيخ أبي عبد الله بولاية إشبيلية سوى أشهر قلائل، حتى عين الخليفة أخاه السيد أبا إبراهيم إسماعيل بن عبد المؤمن والياً لإشبيلية، فوصل إليها في أول شهر ذي الحجة سنة ٥٦١ هـ، وتقرر أن يبقى معه الشيخ أبو عبد الله، على ما كان عليه، وأن يتولى الشئون العسكرية، وتوثقت أواصر المودة والتعاون بين الرجلين، واستمرا معاً في النظر في شئون إشبيلية، حتى وصل أمر الخليفة بندب الشيخ أبي عبد الله للقيام بولاية غرناطة وذلك في أواخر شعبان سنة ٥٦٢ هـ، فغادر إشبيلية في صحبه من الحفاظ وغيرهم في أوائل شهر رمضان إلى غرناطة، واستقر في ولايتها، واستدعى الخليفة في نفس الوقت أخاه السيد أبا سعيد، والي قرطبة للقدوم إلى الحضرة، فغادرها في أوائل ذي القعدة سنة ٥٦١ هـ.

وفي نفس هذا العام أعنى سنة ٥٦١ هـ قرر الخليفة أبو يعقوب بالاتفاق


(١) كتاب " المن بالإمامة " لوحة ٧٣ أوب ولوحة ٧٤ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>