للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسلم "، وقد عاهد الخليفة أن يكون حليفه وحليف المسلمين المخلص، لا يشهر عليه عدواناً قط. ثم عاد إلى بلاده وقد أمر الخليفة بأن يشمله الموحدون بأتم الرعاية. ويقدم لنا ابن صاحب الصلاة هذا الزعيم القشتالي باسم " فرناندو راس النصرانى " ويلقبه بصاحب ترجاله، ويصفه " بالشهير النسب والشهامة عند النصارى " (١).

وتلا ذلك عقد الصلح والتحالف بين فرناندو الثاني ملك ليون وبين الموحدين. وكانت الخصومة تضطرم بين فرناندو وملك البرتغال ألفونسو هنريكيز، بالرغم مما كان بينهما من أواصر المصاهرة، إذ كان فرناندو متزوجاً بالأميرة أورّاكا ابنة ملك البرتغال، وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن فرناندو لم يستطع أن يزاول حق السيادة على البرتغال الذي ورثه عن أبيه القيصر ألفونسو ريمونديس. وكان فرناندو مذ فرغ من مشاغله وحروبه في قشتالة، يتجه بأطماعه نحو مملكة البرتغال، وينظر بعين الحسد والتوجس إلى ما كان يحرزه ألفونسو هنريكيز من انتصارات متوالية على المسلمين، ويخشى بنوع خاص أن تمتد فتوح ملك البرتغال إلى بعض القواعد والأراضي الإسلامية التي يرى فرناندو أنها من خاصة قشتالة وليون. وكان فرناندو قد عمد إلى تحصين مدينة ردريجو، (ثيوداد ردريجو) (٢) الواقعة على حدود البرتغال، واتخذها قاعدة للإغارة على أراضي البرتغال القريبة، وأنشأ في نفس الوقت عدة قلاع وحصون منيعة على حدود البرتغال. كل ذلك استعداداً لأن يخوض مع ملك البرتغال صراعاً حاسماً. ثم رأى أخيراً أن يقوى جانبه بعقد التحالف مع الموحدين. وتسمى الرواية الإسلامية فرناندو، " بالبيبوج "، و " بصاحب السبطاط " وتسميه أحياناً صاحب " السبطاط وآبلة وليون وسمورة ". فأما " البيبوج " أو" الببوج " فهو تحريف للكلمة القشتالية El-Baboso، ومعناها الكثير اللعاب، وكذلك الأبله. وهذا ما لم يفت الرواية الإسلامية أن تشير إليه (٣). وأما " صاحب السبطاط " فمعناه " صاحب ثيوداد ردريجو " وقد كانت وقتئذ


(١) ابن صاحب الصلاة في " المن بالإمامة " لوحة ١١٧ أ - والبيان المغرب القسم الثالث ص ٧٨.
(٢) وهي بالإسبانية Ciudad Rodrigo وبالقشتالية القديمة Cibdad ومنها حرفت التسمية العربية " سبطاط ".
(٣) راجع المعجب ص ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>