للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخليفة في قواته إلى الموضع المعروف ببلاط الصوف (١) وهو المتصل بفحص جنجاله، وقد كانت يومئذ مدينة الحدود بين الأندلس وبين قشتالة، ثم تقدم منه إلى الموضع المعروف بالغُدُر قرب منابع نهر وادي يانه، ونزل في سهل بلاط الصوف وقضى فيه يوماً تزود فيه العسكر والناس بالماء. ثم غادره إلى مرج البسيط، وأقام فيه يوماً آخر، وسار منه إلى مقربة من وادي شُقر، حيث ارتوى الناس والدواب من ماء النهر، وقضوا فيه يومهم للراحة. وفي يوم الخميس الثاني عشر من ذي القعدة، أمر الخليفة أخاه السيد أبا سعيد، أن يسير من وادي شُقر في عسكر ضخم من الموحدين والعرب، يبلغ نحو اثنى عشر ألف فارس، ومعهم قوة من الرّجالة والرماة، إلى أراضي قشتالة، صوب مدينة وبذة (٢)، فسار السيد أبو سعيد في هذا الجيش ومعه أبو العلاء بن عزون " قاضى الدولة المهدية " في جنده، وإبراهيم بن همشك في جنده، فوصلوا في صباح اليوم التالي إلى أول بلاد قشتالة بموضع يسمى " برج جمل " وفيه حصن يحتله النصارى، فافتتحوه في الحال، وأفنوا حاميته قتلا وسبياً، وهدموه. وفي اليوم التالي - السبت - وصلوا إلى مدينة وبذة، والظاهر أن النصارى كانوا على أهبة لرد المغيرين، فما كاد الموحدون يصلون إلى ظاهر المدينة، حتى خرج إليهم القشتاليون. ونشبت بين الفريقين معركة تمهيدية، ظهر فيها تخاذل من بعض الجند العرب، فقتلوا، وأسفرت المعركة حسبما يقول لنا ابن صاحب الصلاة عن " ظهور الإسلام ". وعلى أثر ذلك نزل السيد أبو سعيد بعسكره فوق التل المطل على المدينة (٣).

وفي خلال ذلك وصل الخليفة في قواته إلى وبذة في اليوم السابع عشر من ذي القعدة، وأمر الموحدين والعرب من سائر القبائل بالتأهب للحرب، فانحاز كل عسكر إلى قبيله، واجتمع تحت رايته، وأمر الجميع بالسير، والصعود إلى التل الذي نزل به السيد أبو سعيد بجنده، ليتم اجتماع القوات المحاربة، فصعد الجند على الترتيب المذكور، وصعد بعدهم الخليفة في كتيبته، ومعه أبناء الجماعة، وأبناء أهل خمسين وأهل الدار والعبيد، وخلفه السيد أبو حفص وباقي الإخوة، ومن ورائهم الرايات والطبول وعددها مائة، وفي الحال بدأ الهجوم تحت قرع الطبول وصيحات التكبير، بين الموحدين والقشتاليين، واستولى الموحدون على


(١) وهو بالإسبانية Balazete
(٢) وبذة هي بالإسبانية Huete.
(٣) تراجع مواقع غزوة وبذة في الخريطة المنشورة في ص ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>