للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناصب والرتب، حسبما أشرنا إليه في موضعه. وكان من غرائب القدر أن يحظى عقب الثائر الذي شغل الموحدين ودوخ جيوشهم زهاء ربع قرن، على هذا النحو في بلاط عدوه القديم المتغلب عليه (١).

وكانت إقامة الخليفة بالأندلس تدنو عندئذ من نهايتها، وقد استطالت هذه الإقامة زهاء خمسة أعوام، منذ مقدم الخليفة في رمضان سنة ٥٦٦ هـ. ولم تدون الرواية في الأشهر الأخيرة من إقامته شيئاً من الحوادث، سوى ما أمر به من نكبة محمد بن عيسى المشرف على إشبيلية وذلك في شهر جمادى الآخرة من سنة ٥٧١ هـ، وكانت قد لحقت به ريب كثيرة من تبديد الأموال واختلاسها، فقبض عليه، وتولى بلول بن جلداس محاسبته، واستصفاء أمواله، ثم عذب وضرب حتى مات، وألقيت جثته في الوادي الكبير.

ولم يمض على ذلك سوى أسبوعين أو ثلاثة، حتى اتخذت الأهبة لسفر الخليفة، وذلك بعد أن عقد لأخيه أبي على الحسين على ولاية إشبيلية، ولأخيه أبي الحسن على، على ولاية قرطبة. وغادر أبو يعقوب إشبيلية في ركبه في يوم الخميس الرابع عشر من شهر شعبان سنة ٥٧١ هـ (٢٨ فراير سنة ١١٧٦ م) ومعه الخواص والأشياخ والعمال والكتاب، ومن زعماء الأندلس بنو مردنيش، وإبراهيم بن همشك وغيرهم. وكان خروجه من مرسى طلياطة على نهر الوادي الكبير، فجاز النهر ثم البحر إلى طنجة، وأقام بها أياماً، ثم غادرها إلى مراكش، فوصلها في منتصف شهر رمضان من نفس العام (٢٨ مارس سنة ١١٧٦ م).


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١٠٨، وأعمال الأعلام لابن الخطيب ص ٢٧١، وروض القرطاس ص ١٣٩. وكذلك: A. P. Ibars: Valencia Arabe, T. I. p. ٥٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>