للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها، صدق ولائه، فحارب إلى جانب الموحدين، وعاون على صد البرتغاليين وهزيمتهم. وامتنع عن مهاجمة بطليوس مرة أخرى، حينما نبهه الموحدون إلى الحلف المعقود، وأبدى تمسكه بعهوده، وهاداه الخليفة وأثنى عليه، واستمر محافظاً على صداقته وولائه حتى أواخر سنة ٥٦٩ هـ (١١٧٤ م)، وعندئذ، ودون أية أسباب ظاهرة، قام فجأة بغزو أراضي الأندلس وعاث فيها، فاستشاط الخليفة غضباً، وأمر بمهاجمته في عقر داره، فجهزت حملة كبيرة من الموحدين والعرب، وخرجت من إشبيلية بقيادة السيد أبي حفص أخي الخليفة في الثالث من صفر سنة ٥٧٠ هـ (٣ سبتمبر ١١٧٤ م)، وسارت تواً إلى مدينة ردريجو قاعدة ملك ليون، وهي التي تسميها الرواية الإسلامية بمدينة " السبطاط " (١)، ومعه الزعيم القشتالي فرناندو ردريجيس صهر ملك ليون حليف الموحدين القديم في صحبه، وهاجم الموحدون مدينة ردريجو، فلم ينالوا منها مأرباً، ولكنهم استولوا على حصني القنطرة وناضوش من أماكن الحدود. ولما عاد السيد أبو حفص إلى إشبيلية، احتفل بهذا النصر الجزئي، وأنشد الشعراء قصائدهم كالعادة (٢). ولزم فرناندو ملك ليون السكينة مدى حين. بيد أنها كانت هدنة قصيرة، وكانت كما سنرى مقدمة لسلسلة من الغزوات الجديدة، التي قام بها الملوك النصارى في أراضي المسلمين.

...

وفي أوائل سنة ٥٧٠ هـ، عقد الخليفة أبو يعقوب زواجه بالحسناء زائدة إبنة زعيم الشرق الراحل محمد بن سعد بن مردنيش، وتم زفافها إليه في اليوم الخامس من ربيع الأول في مهرجان فخم. وكان صداقها الرسمي خمسين ديناراً، ولكن الخليفة وجه إليها ألف دينار من الذهب العين " تأنيساً ". ولما وصلت إليه بإشبيلية مع أهلها وحشمها، وهب لها كل ما كان أهداه إليه إخوتها عند فتح مرسية. وكان زواجاً موفقاً، حظيت فيه العروس الأندلسية، واستأثرت بحب الخليفة وإعجابه، حتى كان يضرب المثل بهذا الحب للحسناء ذات العينين الزرقاويين. وحظى قومها آل مردنيش لدى الخليفة، وأحرزوا في كنفه رفيع


(١) سبق أن أوضحنا أن مدينة السبطاط، هي تحريف لكلمة Cibdad القشتالية ومعناها المدينة.
(٢) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>