وثمة فرق واضح آخر بين الروايتين العربية واللاتينية، هو أن الأولى تنوه بأن شارلمان قاد حملته إلى اسبانيا استجابة لدعوة الخوارج المسلمين ليعمل معهم ضد إمارة قرطبة، وأن الثانية تنوه بأن حملة شارلمان إنما كانت موجهة إلى إخضاع البشكنس.
ومع ذلك فإن الرواية العربية على إيجازها تقدم إلينا ممهدات الموقعة وعناصرها الأساسية بمنتهي الدقة، بل إن العلامة المؤرخ الأستاذ بيدال، وهو آخر من تناول حوادث هذه الموقعة من النقدة المحدثين بإفاضة، وبأسلوبه النقدي الرائع، يقرر لنا أن الرواية العربية هنا، هي أرقى بكثير من الرواية اللاتينية، وأنها فيما يتعلق بغزوة شارلمان لإسبانيا، أبعد من أن تنحدر إلى الغموض والتناقض، وأنها بالعكس تقدم إلينا بعض أنباء في منتهى الأهمية والجدارة.
ويدفع الأستاذ بيدال ما يرمي به بعض الباحثين مثل باسيه وغيره، الرواية العربية من أخطاء وسابقات تاريخية، ويؤكد بالعكس أنه لا تناقض بين النصوص العربية واللاتينية، وكل ما هنالك أن كلا منهما يركز اهتمامه في نقط معينة، وكلتاهما تتفق مع الأخرى في الحوادث الرئيسية (١).