وتتبعه للنصر طائفة الهدى ... فأكرم بهم إخوانُ ذي الصدق أحمد
هي الثلة المذكور في الذكر أمرها ... وطائفة المهدي بالحق تهتدي
بهم يقمع الله الجبابرة الأولى ... يصدون عن حكم من الحق مرشد
ويقطع أيام الجبابرة التي ... أبادت من الإسلام كل مشيد
فيغزون أعراب الجزيرة عنوة ... ويعرون منها فارساً وكأن قد
ويفتتحون الروم فتح غنيمة ... ويعرون منها فارساً وكأن قد
ويفتتحون الروم فتح غنيمة ... ويقتسمون المال بالترس عن يد
ويغدون للدجال يغزونه ضحاً ... يذيقونه حد الحسام المهند
وينزل عيسى فيهم وأميرهم ... إمام فيدعوهم لمحراب مسجد
يصلي بهم ذاك الأمير صلاتهم ... بتقديم عيسى المصطفى عن تعمد
فيمسح بالكفين منه وجوههم ... ويخبرهم حقاً بعز مجدد
وما أن يزال الأمر فيه وفيهم ... إلى آخر الدهر الطويل المسرمد
فأبلغ أمير المؤمنين تحية ... على النأي مني والوداد المؤكد
عليه سلام الله ما در شارق ... وما صدر الوارد من ورد مورد
وقيل إن منشىء هذه القصيدة لم يحضر لإلقائها بنفسه، للكبر وبعد الشقة، وأنه أرسل بها فأنشدت باسمه على قبر الإمام، وكان نظمه إياها أيام حياة الخليفة عبد المؤمن (١).
وفي العام التالي، أعني في سنة ٥٧٩ هـ، كانت توسعة مدينة مراكش.
وكانت العاصمة الموحدية، قد بدأت تضيق بسكانها الذين هرعوا إلى استيطانها من كل صوب، وبالرغم مما أقيم بها منذ أيام الخليفة عبد المؤمن، من الأحياء الكبيرة والدور العديدة الفخمة لسكنى رجال البلاط، وعلية القوم، والوافدين إليها من مختلف أنحاء المغرب والأندلس، فإنها أضحت قاصرة عن أن تستوعب سكانها، وحركة عمرانها الضخمة. وكان الخليفة قد أمر قبائل هسكورة وصنهاجة أن يتركوا بلادهم، وأن يأتوا إلى العاصمة بأهلهم لسكناها، فلما وصلوا إليها لم يجدوا بها متسعاً لنزولهم، فشكوا إلى الخليفة أمرهم. فعندئذ رأى الخليفة أنه لابد من العمل على توسعة المدينة، وعهد إلى ولده وولي عهده السيد أبي يوسف
(١) راجع المعجب ص ١٠٤ - ١٠٦ حيث يورد هذه القصيدة وقصتها، وينفرد المراكشي بذلك بين المصادر الموحدية.