للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأندلس أن يستعدوا لاستقبال هذه الحشود المختلفة، وأن يكونوا هم في جموعهم في هيئة استعداد للجهاد.

وفي يوم الثلاثاء الرابع من شهر المحرم سنة ٥٨٠ هـ (٨ أبريل ١١٨٤ م) غادر الخليفة أبو يعقوب مدينة فاس في موكبه، على الترتيب السابق وصفه، حتى وصل إلى ثغر سبتة فأقام به بقية شهر المحرم. وأمر في أثناء ذلك ببدء الجواز، فجازت قبائل العرب أولا، ثم قبائل زناتة، فالمصامدة، فمغراوة وصَنهاجة وأورية وغيرهم من بطون البربر، ثم جازت جيوش الموحدين. فلما كمل جواز الجيش عبر الخليفة فيمن بقى من طوائف العبيد والحرس، وكان عبوره في الخامس من صفر (١٧ مايو) ونزل بجبل الفتح (جبل طارق) ثم سار منه إلى الجزيرة الخضراء، ثم إلى إشبيلية عن طريق أركش وشريش، فوصل إليها في عساكره في اليوم الثالث عشر من صفر (٢٥ مايو)، وخرج أهل الحاضرة الأندلسية إلى لقائه والسلام عليه، وفي مقدمتهم قاضيهم ابن الجد. ويقول لنا ابن صاحب الصلاة، إنه كان حاضراً في هذا اليوم، وإنه قام بالسلام على الخليفة مع من تقدم إليه من الطلبة، وأنه لم يستطع الكلام لشدة الزحام، وأن الخليفة نزل بقصره داخل حدائقه الواقعة خارج باب قرمونة. وفي اليوم التالي لوصوله أمر بتمييز العساكر وتوزيع السلاح والعتاد عليهم. ووزعت ألف فرس من عتاق الخيل على أشياخ الموحدين والعرب وكبار الجند. وأمر قائد الأسطول أبو العباس الصقلي بإعداد سفن الغزو وما يلزمها من الآلات والمعدات. وكانت أجناد الأندلس، تتلاحق خلال ذلك من أوطانها وقواعدها إلى إشبيلية، لتنضم إلى جيش الغزو (١).

وأقام الخليفة بإشبيلية أسبوعين وهو دائب العناية باستكمال الاستعدادت وتنظيم الحشود، والنظر في كل ما يلزم للقيام بالغزوة المنشودة، وضمان نجاحها.

أما هدف هذه الغزوة، فقد استقر الرأي على أن يكون مدينة شنترين البرتغالية. وقد سبق أن أوضحنا أن الخليفة لم يحدد هدف هذه الغزوة منذ البداية بصورة قاطعة، بل لم تتحدد وجهة الحملة الموحدية إلى شبه الجزيرة الأندلسية إلا حينما وصل الخليفة إلى سلا. ولكن اختيار مدينة شنترين بالذات هدفاً للغزوة الموحدية يرجع إلى أسباب عديدة، مادية ومعنوية. فقد كانت البرتغال في عهد


(١) نقله البيان المغرب عن ابن صاحب الصلاة ص ١٣٢. وكذلك روض القرطاس ص ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>