للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيد خمسين كيلومتراً منها، فوق ربوة مرتفعة تقع على الضفة اليمنى لنهر التاجُه، أمام حنية نصف دائرية. وقد كانت في العصر الذي نتحدث فيه من أمنع القواعد البرتغالية، وكانت في عهدها الإسلامي، نظراً لحصانة موقعها في منعطف النهر من المراكز الأمامية للمعارك المستمرة بين المسلمين والنصارى. وقد سقطت في أيدي النصارى لأول مرة في سنة ٤٨٦ هـ (١٠٩٣ م)، حينما استولى عليها ألفونسو السادس ملك قشتالة، ولكن المسلمين استردوها، واستمرت في حوزتهم عصراً آخر، ولما اشتد ساعد مملكة البرتغال الناشئة في عهد ملكها ألفونسو هنريكيز، وأخذ هذا الملك يغير على القواعد الإسلامية المجاورة، كانت شنترين وأشبونة من القواعد التي استولى عليها، وذلك في سنة ٥٤٢ هـ (١١٤٧ م) حينما اضطربت شئون ولاية الغرب على أثر قيام الثورة ضد المرابطين وبقيتا بيد النصارى إلى ذلك الحين. وكان الموحدون يتوقون إلى استرداد هاتين القاعدتين الهامتين من قواعد ولاية الغرب.

وهنالك في الواقع ما يدل على أن استرداد ثغر أشبونة كان من أهداف هذه الحملة الموحدية الكبرى بل ربما كان هو هدفها الرئيسي (١). ذلك أن الأسطول الموحدي، كان وقت عبور الخليفة إلى شبه الجزيرة، قد حشد عند مصب الوادي الكبير ومصب وادي يانه، وكان في نفس الوقت الذي اتجهت فيه الجيوش الموحدية صوب شنترين، يسير إلى مياه أشبونة، ثم يحاصرها (٢). بيد أنه كان من الطبيعي أن يقوم الجيش الموحدي قبل السير إلى أشبونة، بالاستيلاء على شنترين، وهي حصن أشبونة من الشمال، وبذلك تؤمن مؤخرة الجيش الموحدي ضد أي هجوم يقوم به النصارى من تلك الناحية.

ومن ثم فإنه ما كادت القوات الموحدية تصل إلى ظاهر شنترين، حتى أمر الخليفة بأن يتقدم الجند حتى أبواب المدينة، وأن يضربوا حولها الحصار، ونزل الموحدون في الربض الواقع في جنوبها الشرقي والممتد على طول النهر وضربت به قبة الخليفة، وكان البرتغاليون وعلى رأسهم ملكهم ألفونسو هنريكيز، قد احتشدوا داخل شنترين وقصبتها وجدوا في تحصينها، واتخذوا أعظم أهبة للدفاع عنها (٣)،


(١) راجع روض القرطاس ص ١٤٠.
(٢) الروض المعطار، صفة جزيرة الأندلس، ص ١١٤.
(٣) المراكشي في المعجب ص ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>