للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاضرة قشتالة (١)، وعلى أي حال فإن فرناندو ملك ليون، حينما علم بسير الجيوش الموحدية نحو بطليوس واقترابها بذلك من مواقعه، بادر برفع الحصار عن قاصرش، وعاد إلى حاضرته مدينة ردريجو، وأخذ يرقب سير الحوادث.

وفي يوم الخميس العاشر من شهر ربيع الأول غادر الخليفة في قواته مدينة بطليوس، وسار نحو الشمال الغربي مخترقاً الناحية اليسرى من وادي التاجُه، ثم أمر الجند الموحدين أن يتقدموا صوب شنترين، فعبروا نهر التاجُه بقيادة السيد أبي إسحاق والي إشبيلية، ثم تلاهم بقية الجند وعلى رأسهم الخليفة، ونزلت الجيوش الموحدية جميعها بالتل المرتفع المشرف على شنترين من ناحيتها الشرقية والجنوبية، وكان ذلك في يوم الأربعاء السادس عشر لربيع الأول سنة ٥٨٠ هـ (٢٧ يونيه سنة ١١٨٤ م) وفقاً لقول الرواية الإسلامية المعاصرة (٢)، وتضع الرواية النصرانية مقدم الجيوش الموحدية إلى شنترين قبل ذلك بثلاثة أيام في اليوم الرابع والعشرين من يونيه وهو يوم القديس خوان (٣).

وتنوه معظم الروايات الإسلامية بضخامة هذا الجيش الموحدي، ووفرة حشوده (٤)، ويقدم إلينا بعضها عن عدده أرقاماً مدهشة، فيقول لنا صاحب الروض المعطار إنه كان يضم أربعين ألفاً من أنجاد العرب الفرسان، ومن الموحدين والجنود والمطوعة وفرسان الأندلس ما ينيف على مائة ألف فارس (٥)، وإذن فقد كان هذا الجيش الذي أعد لغزو البرتغال، وافتتاح شنترين أضخم من الجيش الذي سار من قبل عند جواز الخليفة الأول إلى الأندلس، إلى حصار وبذة، وتنوه الرواية النصرانية أيضاً بضخامة الجيش الموحدي، وذلك بما تذكره من أرقام خسائره، حسبما نشير إليه فيما بعد.

وتقع مدينة شنترين، وقد أتيحت لنا زيارتها، في شمال شرقي أشبونة على


(١) H. Miranda: Ibid, cit. Chronicon Lusitanum p. ٢٩٢
(٢) هذه هي رواية البيان المغرب، منقولة فيما يرجح عن ابن صاحب الصلاة، وكان مرافقاً للحملة (البيان المغرب القسم الثالث ص ١٣٣) ويضع صاحب روض القرطاس مقدم الموحدين إلى شنترين في السابع من ربيع الأول (ص ١٤٠).
(٣) راجع في ذلك H. Miranda: Ibid, p. ٢٩٧ & ٣٠٠
(٤) راجع ما ينقله البيان المغرب في القسم الثالث عن القاضي أبي الحجاج يوسف بن عمر (ص ١٣٥) وكذلك ابن خلكان في الوفيات ج ٢ ص ٣٩٤.
(٥) الروض المعطار - صفة جزيرة الأندلس في مقاله عن " شنترين " ص ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>