للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتولى القضاء في عهده أبو محمد المالقي، ثم عزل وولى بعده عيسى بن عمران التازي التسولي، وكان عالماً متمكناً، وأديباً نابهاً، وشاعراً مجيداً، وخطيباً بليغاً، وكان يخطب عن الوفود وفي المناسبات الهامة، وكانت له مكانة رفيعة في البلاط الموحدي. ثم ولى القضاء من بعده حجاج بن يوسف. ثم أبو جعفر أحمد بن مضاء من أهل قرطبة. واستمر في منصبه حتى وفاة أبي يعقوب، ومن بعده فترة أخرى في أوائل عهد ولده يعقوب المنصور.

وتولى الكتابة لأبي يعقوب أبو الحسن بن عياش القرطبي كاتب أبيه من قبل.

وكان هذا الكاتب الأندلسي، قد فر من بلده قرطبة عند قيام الثورة بها في أواخر العهد المرابطي، ولجأ إلى إشبيلية، واتصل بالسيد أبي حفص بن عبد المؤمن فاختاره لكتابته، ثم صحبه معه إلى تلمسان، ولم يزل متولياً كتابته حتى نكبة الخليفة عبد المؤمن لوزيره ابن عطية، فاستدعاه الخليفة وعينه لكتابته.

ولبث ابن عياش كاتباً للخليفة أبي يعقوب حتى توفي في سنة ٥٦٨ هـ، وكتب لأبي يعقوب أيضاً أبو القاسم القالمي، وتلميذه أبو الفضل طاهر بن محشرة وهو من أهل بجاية، وأبو الحسين الهوزني الإشبيلي، وأبو عبد الرحمن الطوسي.

وفي مجموعة الرسائل الموحدية، رسائل عديدة بقلم ابن عياش وزميله ابن محشرة

تدلى بما كان لهذين الكاتبين من مقدرة راسخة في أساليب البيان (١).

وترك أبو يعقوب من البنين ثمانية عشر، وهم ولي عهده يعقوب المنصور وشقيقه إسحق، ويحيى، وإبراهيم، وعبد العزيز، وإدريس، وأبو بكر، وعبد الله، وأحمد، ويحيى الصغير، ومحمد، وعمر، وعبد الواحد، وعبد الحق، وطلحة وعبد الرحمن، وموسى، وعثمان. كما ترك عدة من البنات.

وأما عن شخصه، فقد كان أبو يعقوب أبيض اللون مشرباً بالحمرة، فاحم الشعر، مستدير الوجه، أعين، إلى الطول أقرب، وكان جهير الصوت، طيب المجالسة، فصيح العبارة، حلو الألفاظ، رقيق الخلال (٢).


(١) البيان المغرب القسم الثالث ص ١٤٠، والمراكشي في المعجب ص ١٣٧، وابن الخطيب في الإحاطة مخطوط الإسكوريال السابق ذكره لوحة ٣٩٥.
(٢) المراكشي في المعجب ص ١٣٢. وقد عاش المراكشي قريباً من عصر الخليفة أبي يعقوب وكانت له صلة وثيقة ببعض أبنائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>