للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد العزيز الكومي قائد قصبة رباط الفتح، بأن يتولى تنفيذ هذا الحكم فيهما، فقام بالمهمة، وضرب عنقاهما، وقُتل معهما في نفس الوقت عدد ممن تحقق اشتراكه معهما في محاولاتهما (١). ويزيد صاحب روض القرطاس على ذلك، أن الخليفة قتل أيضاً أخاه أبا يحيى، بمعنى أنه أمر بإعدام ثلاثة من السادة دفعة واحدة، أحد أعمامه، واثنين من إخوته (٢)، ووقع ذلك فيما يرجح في أواسط سنة ٥٨٤ هـ، (١١٨٨ م). ويقول لنا المراكشي إنه كان لهذا التصرف الدموي وقع عميق لدى قرابة الخليفة فهابوه، واشتد خوفهم وتوجسهم منه بعد أن كانوا يتهاونون بأمره ويحتقرونه، لأشياء كانت تصدر منه في صباه أيام أن كان بالأندلس والياً لإشبيلية (٣).

وما كاد المنصور يستقر بمراكش، بعد أن اطمأن إلى استتباب السكينة، وتوطد سلطان الموحدين بإفريقية، حتى أخذ ينظر في شئون الأندلس. وكانت الأحوال في شبه الجزيرة، قد أخذت خلال انشغاله بحوادث المغرب وحملة إفربقية، تتطور بصورة تدعو إلى القلق، واشتد عدوان البرتغاليين من جهة على قواعد ولاية الغرب الجنوبية وانتهى بالاستيلاء على شلب وأحوازها، ووصلت غارات القشتاليين من جهة أخرى إلى أحواز إشبيلية؛ ومن ثم فقد خص المنصور شئون الأندلس بعنايته، وأخذ في الاستعداد لتدارك تلك الحال، والعمل على قمع عدوان النصارى. فأذاع الدعوة إلى الجهاد على حكم الاختيار والتطوع، فتقاطرت جموع المتطوعين المجاهدين إلى الحضرة، من سائر جنبات المغرب، ومن مختلف الطوائف والقبائل، وبعث الخليفة إلى العمال بالاستعداد، وضرب الآلات الحربية، وإعداد العتاد والأقوات، ثم ندب لولاية إشبيلية ابن عمه السيد أبا حفص يعقوب بن السيد أبي حفص عمر، وكان موضع ثقته وإيثاره، كما كان أبوه من قبل موضع حب أبيه وإيثاره، وذلك لكي يعمل على مواجهة الأحداث بالأندلس بروح وهمة جديدين، وندب ابن عمه السيد أبا الحسن ابن أبي حفص والياً لتلمسان، وعهد إليه بشئون المخازن والمؤن، والسهر على إعدادها وتوفيرها للحشود المقبلة (٤).


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١٧١ - ١٧٣، والمعجب ص ١٥٦.
(٢) روض القرطاس ص ١٤٣.
(٣) المعجب ص ١٥٧، ويقول لنا المراكشي أيضاً إن قتل السادة كان في سنة ٥٨٣ هـ، وهو تاريخ خاطىء، لأن عودة الخليفة من غزوته الإفريقية، كان في المحرم سنة ٥٨٤ هـ.
(٤) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>