للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ينتزعوها من المسلمين. ففي أوائل سنة ٥٨٥ هـ (أوائل سنة ١١٨٩ م)، بعث سانشو بقواته البرية جنوباً صوب شلب، وسارت سفن الصليبيين من خليج التاجُه حذاء الشاطىء البرتغالي حتى مياه ثغر بورتماو الصغير، الواقع على قيد إثنى عشر كيلومتراً من جنوبي شلب. وبدأ البرتغاليون بمهاجمة حصن ألبور (١) الواقع على مقربة من غربي بورتماو، وقتلت حاميته الإسلامية ومن كان به من اللاجئين المسلمين، وعددهم جميعاً يقرب من الستة آلاف (٢)، ثم زحف سانشو بعد ذلك في قواته وقوات حلفائه الصليبيين، نحو المدينة الإسلامية، وهاجموا أرباضها، واستولوا عليها في الحال. وكان والي المدينة عندئذ الحافظ عيسى بن أبي حفص ابن علي، رجلا عاجزاً قليل الخبرة بشئون الدفاع، فامتنع بقواته داخل المدينة، معتمداً على حصانتها الطبيعية، وأسوارها القوية العالية، وشغل الصليبيون عن مهاجمة المدينة بنهب ما حولها من الأرباض والمحلات، وحاول سانشو مدى بضعة أسابيع أن يقتحم المدينة بالهجوم في قواته، ولكن محاولاته ذهبت عبثاً. فاضطر أن يلجأ إلى الحصار، وأن يستدعي قوات جديدة لمعاونته قدمت في أربعين سفينة جديدة. وتضع الرواية النصرانية بدأ حصار شلب في ٢١ يوليه سنة ١١٨٩ م (ربيع الآخر سنة ٥٨٥ هـ). وحاول سانشو في بدء الحصار أن يعاود اقتحام المدينة، فضربها بالمجانيق والنبال ضرباً شديداً، ولكن ذلك لم يؤثر شيئاً على تحصينات المدينة القوية، وحاول الجند الفلمنك من جهة أخرى أن يحفروا السراديب تحت الأسوار وأن يحدثوا بها ثلمات للدخول، فأحبط أهل المدينة كل محاولاتهم. وكان من الممكن أن يطول هذا الموقف، وأن تصمد المدينة للحصار، مدة طويلة، لولا أن عمد سانشو إلى محاولة قطع الماء عن المدينة، وإرغامها إلى التسليم من جراء العطش. وكانت شلب تستمد ماءها من النهر القريب بواسطة بئر كبيرة أقيمت قرب السور تسمى " القراجة "، وأقيم فوقها لحمايتها برج قوي، ففكر المحاصرون في هدم هذا البرج، وهاجموه بواسطة السلالم، فلما رأى المسلمون هذه المحاولة، خرجوا لمنعها، ونشبت حولها معركة تفوق فيها النصارى واستولوا على البئر. وكانت هذه بالنسبة للمسلمين ضربة مؤلمة، لم تلبث أن حققت نتيجتها المحتومة. ذلك أن العطش أخذ إلى جانب الجوع، يحدث أثره


(١) حصن ألبور بالإفرنجية Alvor.
(٢) البيان المغرب - القسم الثالث ص ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>