للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعاد ملك قشتالة بعد حملته المظفرة إلى طليطلة.

- ١ -

كان لتلك الحوادث أعمق وقع في نفس الخليفة يعقوب المنصور، فما كاد يقف على أخبارها، حتى أخذ في التأهب للعبور إلى الأندلس، واستئناف الجهاد، واعتمد في هذه المرة على التطوع في جمع الحشود، حسبما ذكرنا من قبل، وعنى عناية خاصة بتوفير العتاد والسلاح والمؤن، ثم خرج في قواته من مراكش في الرابع عشر من شهر ذي الحجة سنة ٥٨٥ هـ (٢٣ يناير سنة ١١٩٠ م)، وذلك بعد أن وجه كتبه إلى إشبيلية، وغيرها من قواعد الأندلس، بما اعتزمه من قدومه إلى شبه الجزيرة لنصرة أهلها على عدوهم، وما يرجوه من تيسير استقبال الجيوش الوافدة، وسار إلى رباط الفتح، فلما وصلها، أقام بها نحو الأربعين يوماً، حتى وصلت باقي الحشود وقوات القبائل، واستكملت أهبة الجيش الغازي.

وفي أواخر شهر المحرم من سنة ٥٨٦ هـ (أوائل مارس سنة ١١٩٠ م) غادر المنصور رباط الفتح في قواته، وسار إلى قصر مصمودة (القصر الصغير) وجدد منه كتبه إلى إشبيلية متضمنة قرب وصوله. ولبث مقيماً بالقصر، حتى كان بدء الجواز في الخامس عشر من ربيع الأول، ولما انتهى جواز الجند، عبر المنصور البحر في يوم الأحد الثالث والعشرين من ربيع الأول، ونزل بجزيرة طريف، وهنالك أقبلت وفود بعض البلاد للسلام عليه، وشكا البعض مما يقع من ظلم العمال، فأغضى المنصور عن مناقشة هذا الأمر في هذه الظروف الدقيقة. ثم تحرك من طريف في غرة جمادى الأولى، وسار شمالا صوب مدينة أركش، وهنالك ودع الوفود الملتفة حوله، وسار إلى قرطبة. وبعث إلى السيد يعقوب بن أبي حفص والي إشبيلية، بأن يتحرك منها بعساكره، وأن يجمع سائر الحشود، من العرب والبربر، من غرناطة وغيرها، ومن تأخر من صنهاجة وهسكورة، وسائر المتطوعة والمجاهدين. فصدع السيد يعقوب بالأمر، وحشد سائر القوات المتقدمة، وسار فيها قاصداً إلى شلب، وذلك في غرة جمادى الأولى (٦ يونيه) وعسكر في ظاهر المدينة. ولم يمض شهر على ذلك حتى وصلت سفن الأسطول الموحدي إلى مياه البرتغال الجنوبية

<<  <  ج: ص:  >  >>