للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" بالأرك ". وهي محلة صغيرة من أعمال قلعة رباح، تقع على مسافة أحد عشر كيلومتراً في غربي مدينة " ثيوداد ريال " الحديثة (١)، وتقوم فوق ربوة عالية، تمتد سفوحها حتى نهر وادي يانه، وكانت عندئذ هي نقطة الحدود بين قشتالة وأراضي المسلمين، فإلى هذه المحلة اتجه ملك قشتالة بقواته، وعسكر بها معتزماً أن يلقى الموحدين وألا يسمح لهم بعبور الحدود إلى داخل أراضيه.

وأما الخليفة المنصور فاستمر في سيره مخترقاً قلعة رباح حتى وصل إلى مقربة من محلة الجيش القشتالي المعسكر في الأرك. ويقول لنا صاحب روض القرطاس إن الخليفة استمر في سيره حتى بقى بينه وبين الأرك مرحلتان قريبتان، وإنه نزل هنالك، وذلك في يوم الخميس الثالث من شعبان سنة ٥٩١ هـ (١٣ يوليه سنة ١١٩٤ م)، وما كاد الجيش الموحدي يستقر في محلته حتى ظهرت سرية من خيل القشتاليين خرجت لتستطلع أخبار المسلمين، فظفرت بها طائفة من الجند الموحدين وأبادتها قتلا. ومضت بضعة أيام أخرى قبل أن يقع الاشتباك بين الجيشين، ولم تكن ثمة سوى الطلائع من الجانبين، وكانت الخسارة تقع في معظم الأحيان على القشتاليين. وفي خلال ذلك كان الخليفة المنصور، يعقد المؤتمرات الحربية، ويجري مشاوراته مع أشياخ مختلف القبائل، ويروي لنا صاحب روض القرطاس أنه لما استشار قواد الأندلس أحالوه على كبيرهم أبي عبد الله ابن صناديد، وأن ابن صناديد أبدى رأيه للخليفة، بأنه يجب أن تبدأ المعركة باشتباك سائر حشود الأندلس وقبائل العرب، وسائر قبائل المغرب من زناتة والمصامدة وغيرهم وجند المتطوعة، وأن ينتظر الخليفة في المؤخرة ومعه جيوش الموحدين والعبيد والحشم في موضع مستور، فإن أسفرت المعركة عن انتصار المسلمين فبها، وإن أسفرت عن هزيمتهم، فعندئذ يبادر الخليفة في قواته إلى لقاء العدو، وليحمي ظهور المسلمين، ويكون العدو عندئذ قد خبت قواه، فيكون النصر للمسلمين، وأن الخليفة قد أعجب بهذا الرأي وقرر اتباعه (٢).

ويقدم إلينا صاحب روض القرطاس فوق ذلك تفاصيل هامة عن تقسيم الجيش


(١) الأرك هي بالإسبانية Alarcos، وثيوداد ريال هي Ciudad Real ومعناها المدينة الملكية. وتقوم مكان الأرك اليوم محلة صغيرة تسمى Sta Maria de Alarcos في فحص قلعة رباح.
(٢) روض القرطاس ص ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>