للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموحدي وقواده في ذلك اللقاء الهام، فيقول لنا إن الخليفة جلس في يوم السبت الخامس من شعبان في قبته الحمراء واستدعى الشيخ أبا يحيى بن أبي محمد بن أبي حفص، وهو حفيد الزعيم عمر بن أبي حفص الهنتاني صاحب المهدي، وكان من أكبر وزرائه، فولاه قيادة الجيش العامة، وقدم ابن صناديد على عساكر الأندلس وحشودها، وجيرمور بن رياح على جميع قبائل العرب، ومنديل المغراوي على قبائل مغراوة، وعقد لمحيو بن أبي بكر بن حمامة على جميع قبائل بني مرين، ولجابر بن يوسف على قبائل عبد الواد، وعقد لعبد القوي التجيني على قبائل تجين، ولتجليدر على قبائل هسكورة وسائر المصامدة، ولمحمد بن منعفاد على قبائل غمارة. وعقد أخيراً للحاج أبي خزر يخلف الأورينى على سائر المتطوعة، وذلك على أن تكون هذه القيادات جميعها تحت القيادة العامة لأبي يحيى بن أبي حفص. واختص أمير المؤمنين من جانبه بكافة عسكر الموحدين والعبيد (١).

وكان الخليفة المنصور، قد قرر مع قادته أن تبدأ الجيوش الموحدية بالزحف على محلة النصارى. وتحركت الجيوش الموحدية بالفعل خلال السهل المنبسط أمام ربوة الأرك، حتى صارت على مقربة منها، ونزلت في السهل المنخفض الممتد أمامها، وهي تشرف عليه بمنعتها ووعورتها من عل، وكان ذلك في يوم الثلاثاء الثامن من شعبان (١٧ يوليه) فلما رأى النصارى اقتراب الموحدين خرجت جملة من قواتهم، وتقدمت قليلا من مراكز الجيش الموحدي، ولكن الموحدين لم يفعلوا شيئاً للاشتباك مع العدو. ذلك أن الخليفة المنصور لم يشأ أن يخوض الموحدون المعركة في ذلك اليوم، بل قرر خوضها في اليوم التالي. فلما رأى النصارى المتقدمون جمود الموحدين، عادوا إلى محلتهم فوق ربوة الأرك وقد أثقلتهم أسلحتهم (٢).

وفي اليوم التالي. وهو يوم الأربعاء التاسع من شعبان سنة ٥٩١ هـ (١٨ يوليه سنة ١١٩٥ م) كانت الجيوش الموحدية كلها على قدم الأهبة، وقد " عبئت تعبئة حرب "، وعقدت الرايات لسائر القبائل والطوائف، وجعل القائد العام أبو يحيى عسكر الأندلس في الميمنة، وزناتة وسائر القبائل المغربية والعرب في


(١) روض القرطاس ص ١٤٨.
(٢) الرواية النصرانية اللاتينية Chronique Latine des Rois de Castille وقد أوردها الأستاذ هويثي في بحثه عن معركة الأرك Campana de Alarcos المنشور بمجلة المعهد المصري بمدريد Vol. II. p. ٦٢-٦٧، ثم في كتابه Grandes Batallas de la Reconquista, p. ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>