للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبرى، وأولها وأهمها العناية بالمحافظة على نظام الجيش، وتوفير تموينه ومؤنه بصورة مؤكدة، وتقسيم حشوده، وتنظيم قياداته، وتعيين قائد عام يشرف على هذه القيادات، واعتماد الخليفة على مشورة قواده، ثم مراعاة الحزم والسرعة في تحرك الجيش، وإعداده لضرب العدو على الفور. فهذه الميزات التي روعي تحقيقها في الجيش الموحدي، كانت كفيلة بأن تحقق له الظفر في معركة الأرك، وأن تجنبه تلك المفاجآت السيئة، التي أصيب بها في غزوة وبذة، ثم بعد ذلك في نكبة شنترين (١).

- ٢ -

ما كادت تنتهي معركة الأرك العظيمة، حتى بث المنصور سريات من جنده في أراضي قلعة رباح، فاستولت على عدة من حصون العدو في هذه المنطقة، ثم هاجم الموحدون قلعة رباح ذاتها، واقتحموها بعد قتال عنيف، وانتزعوها من أيدي فرسان جمعية قلعة رباح المتولين للدفاع عنها، وقتل أثناء المعركة أستاذ الجماعة نونيو دي فوينتس. وغادر الفرسان القلعة، ولجأوا إلى قلعة شلبطرّة القريبة منها. وهكذا استرد المسلمون هذه القلعة المنيعة، بعد أن لبثت في حوزة النصارى منذ سقوطها في أيديهم في سنة ١١٤٧ ذذ، زهاء نصف قرن.

وأمر المنصور بتطهير جامعها الذي كان قد حول إلى كنيسة، وقدم على حاميتها يوسف بن قادس (٢).

نقول، وقد أتيح لنا أن نزور أطلال قلعة رباح القديمة (٣) هذه، وأن نشهد بقايا هذه القلعة المنيعة، التي لبثت دهراً من حصون الأندلس الأمامية، والتي لعبت دوراً كبيراً في الصراع بين المسلمين والنصارى. وتقع هذه


(١) راجع في معركة الأرك، روض القرطاس ص ١٤٥ - ١٥١، والبيان المغرب القسم الثالث ص ١٩٣ - ١٩٦، وابن الأثير ج ١٢ ص ٤٤ و ٤٥، والنويري (طبعة جسبار ريميرو) ص ٢٧٤ و ٢٧٥، وابن خلكان ج ٢ ص ٤٢٩ و ٤٣٠، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٤٥، والمعجب للمراكشي ص ١٥٩ و ١٦٠، ورفع الحجب المستورة في محاسن المقصورة (مخطوط المتحف البريطاني ج ٢ ص ١٥٢ - ١٥٦). ونشره الأستاذ هويثي ضمن مقاله المنشور بمجلة المعهد المصري بمدريد ج ٢ ص ٥٧ - ٦١ وراجع أيضاً:
H. Miranda: Las Grandes Batallas de la Reconquista, p. ١٣٧-١٦٩
(٢) الروض المعطار ص ١٦٣.
(٣) وهي بالإسبانية Calatrava la Vieja.

<<  <  ج: ص:  >  >>