ألفونسو التاسع ملك قشتالة ووزيره، إلى مراكش، يطلب تجديد المهادنة. فلما ترامت الأنباء بسقوط تونس في يد الميورقي، واشتداد عيثه وبطشه بأنحاء إفريقية، وعقد الخليفة الناصر عزمه على محاربته والقضاء على سلطانه، أعدت حملة موحدية جديدة للسير إلى إفريقية، وصدرت الأوامر إلى الأسطول بالسير من سبتة إلى مياه إفريقية، وعين لقيادة وحداته أبويحيى بن أبي زكريا الهزرجى. وكان يحيى الميورقي في ذلك الوقت بالذات، ما يزال ينزل ضرباته بمختلف أنحاء إفريقية، وكان بعد أن قام بإخماد ثورة أهل جبل نفوسة، قد سار إلى ناحية طرّة قاعدة بلاد نفزاوة لإخماد ثورتهم أيضاً، فاقتحم أحياءهم، واشتد في معاقبتهم، وقتل جنده كثيراً منهم، وأضرموا النار في دورهم، ثم سار إلى حمة مطماطة، ففعل بأهلها مثل ذلك، وضجت هذه الأنحاء كلها من سفكه وشديد عيثه (١).
هذا وبينما الميورقي سادر في هذا العيث والسفك، إذ بلغته الأنباء باقتراب القوات الموحدية، وعلى رأسها الخليفة الناصر. وكان الناصر قد غادر مراكش على رأس قواته في أواسط جمادى الآخرة سنة ٦٠١ هـ (فبراير سنة ١٢٠٥ م) وسار إلى رباط الفتح قاعدة تجمع الجيوش الموحدية. ثم غادر رباط الفتح في قواته متجهاً صوب إفريقية، وكانت وحدات الأسطول الموحدي، تسير في نفس الوقت بحذاء الشاطىء، صوب بجاية وتونس، بقيادة أبي يحيى بن أبي زكريا الهزرجى. فلما علم الميورقي باقتراب الأسطول الموحدي من تونس، ووصول الجيش الموحدي إلى بجاية، وأدرك أنه لا قبل له بالصمود أمام هذه القوي الجرارة جمع أمواله وذخائره، وأرسلها إلى المهدية، لتكون تحت حراسة ابن عمه على ابن الغانى، ثم بادر بإخلاء تونس، وارتد في قواته جنوباً، فوصل إلى القيروان وأقام بها أياماً، وهو يجد في الأهبة، ثم سار إلى قفصة، وهنالك استدعى طوائف العربان، وبذل لهم الأموال والوعود، وأخذ مواثيقهم ورهائنهم على مناصرته والقتال معه. ووقف الموحدون على انسحاب الميورقي من تونس، فنزلتها القوات البحرية الموحدية، وقتلوا كل من وجدوه بها من أتباع الميورقي، وأصدر قائد الأسطول الأمان لأهلها. ولما علم الناصر باستيلاء قواته على تونس، وفرار الميورقي في قواته نحو الجنوب، سار في أثره